يظهر احتمل هذه الأشياء وجنسها مكان ذلك فضلا فوق الفضل، وطولا فوق الطول.

فأما ذكر الباع فإنه غاية ما ينتهى إليه امتداد خلق الآدمي، وأسرع في وزن أفعل؛ فلابد له أن يقتضي مذكورًا، فلما لم يذكر شيئًا، تناول كل محتمل أن يذكر، كقولنا: بأسرع مما جاءني به أو بأسرع في القلب إليه أو بأسرع في المعونة، أو بأسرع في النصر له، أو بأسرع في إغنائه عن ضري إلى غير ذلك.

*وقوله: (لله أفرح بتوبة عبده)، قد مضى تفسيره، وأشير إليه، فأقول: إنه حيث أنطق الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - مخبرا عن فرحه سبحانه بتوبة عبده وبلوغه إلى هذا المبلغ الذي ذكره، فإنه لمستدع يستحدب منتهض فطن التائبين إلى أن يكونوا لو استطاعوا أن يطيروا فرحا لطاروا، وإن لو قدروا أن يملأوا أكوان الوجود بسرورهم لملأوا؛ لأنه إذا فرح ربهم؛ الذي هو غني عنهم، ولا حاجة به إليهم، وأنه سبحانه سواهم وأعواض منهم هكذا، فكيف ينبغي أن فرح العبد التائب بربه، وهو الفقير إليه الذي ليس له سواه ولا (96/ب) عوض منه، ولا له حاجة إلى غيره، وعلى هذا فينبغي للممنين أن يفرحوا لأخيهم التائب وبه ولأجله؛ فإنه مقام سرور قال:

ذلك هو متاب من ذنب .... ووراه المتاب من التقصير

والمتاب من التأخر، والمتاب من ترك الأفضل، والمتاب من إيثار الأدنى على الأعلى، والمتاب من الرضا عن النفس في قناعتها لربها بمبذول أو من ربها بمسؤول، أو هكذا في كل متاب يلهمه الله عز وجل المؤمنين من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015