* وفيه أيضًا شدة سرور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسورة الفتح؛ وإنما سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهور الحق وعلو الإسلام وكون الفتح، فإن الله عز وجل غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإن الله سبحانه وتعالى ينصره نصرًا عزيزًا، وليس هذا النصر مقصورا على زمانه وحده بل هو إلى يوم القيامة، كلما نصر الله الحق الذي جاء به كان ذلك نصرا له.
* وقوله عز وجل (عزيزًا) أي ينصرك في كل مأزق، فمن النصر العزيز ما من الله به يوم القادسية واليروموك، والمشاهد التي شهدها المسلمون، فلم يكن فيها انتصار من وراء جدرا ولا اعتضاد بجيش ملك من الملوك ولا غير ذلك، بل كان نصرًا عزيزًا من عند الله عز وجل.
- 68 -
الحديث الرابع والعشرون:
[عن أسلم قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي، وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن يأكلهم الضبع، وأنا ابنة خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف معها عمر ولم يمض، وقال: مرحبا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاما، وجعل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه فقال: اقتاديه، فلن يفنى هذا حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ فقال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه (59/ أ) وأخاها، قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه، وأصبحنا نستفيء سهمانهما فيه].