لليسير كان من تواضعه في سبيل الله.

* وقوله: (إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا) هذا يحض على تحصيل القلوب بكل ما يستطاع أولًا، وأنها إذا حصلت رجي لها أن تعي الحق ويعود ما كان نافرًا إلى الطمأنينة وقبول الهدى.

* وفي هذا الحديث أيضًا نهي عن التنفير عن مقاصد التائبين والاقتناع منهم بما يظهرونه، ثم التلطف في غرس الإخلاص في قلوبهم بالتدريج والتعليم رجاء أن يصيروا إلى ما يحب المؤمن. وقد لا يفطن إبليس لإفساد هذا التوصل الحسن لأن الشيطان يرى إسلام من يسلم أو توبة من يتوب لملاحظة حال من الدنيا يوهن إسلام المسلم وتوبة التائب فلا يحرص على إغواء المسلم أو التائب عن هذا الإسلام والتوبة المعروفين، ويرى العالم أن يغش حصولهما في قربهما منه بحيث تنالهما سهام الموعظة، وتبلغهما قوارع تذكيره، وتبصيرهما الحق بعينه، فإذا بدا لهما الحق في كمال صورته وصباحة وجوهه، عاد كل واحد منهما خصمًا للشيطان مخلصًا في خصومته له فحينئذ يرى الشيطان خسران صفقته في كونه رضي منهما بذلك الإسلام والتوبة الموسمين، راجيًا أن يهلكهما بما جعله الله عز وجل سبب فلاحهما فهذا معنى قولنا: وقد لا يفطن إبليس لإفساد هذا التوصل الحسن، وهذا دليل على أن المسلم لعاجل الدنيا يسمى مسلمًا، ومثل هذا إن مات في مهلة النظر فإن له ما للمسلمين.

- 1769 -

الحديث الثاني:

[عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015