يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها)].
* في هذا الحديث دليل على أن إجزال العطاء هو حقيقة الجود، وإنما يكون ذلك إما من مؤمن لا يخشى الفاقة، لأنه يعطي مما أعطاه الله تعالى، فهو لا يتوهم قطع الله عطاءه ولا انزراره أو من رجل على غير بينه من أمره يعطي سرفًا في الباطل فيكون من المبذرين، الذين قال الله تعالى فيهم: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين}، فعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان عطاء من لا يخشى الفاقة.
* وفي قوله: (لا يخشى الفاقة) وجهان:
أحدهما: لا يخشى الفاقة معطيه.
والثاني: لا يخشى الفاقة معطاه بعده، أي أنه يغني السائل إلى آخره عمره ويكون قوله: (يخشى)، عائدًا إلى العطاء في الوجهين، والمعنى أن (211/ ب) العطاء لكثرته لا يخشى الفاقة؛ فإن خشى معطاه فذلك لبخل نفسه وإلا فالعطاء فوق الكفاية.
* وإن عرض للمؤمن في وقت مكان استحقاق وليس عنده إلا زهيد من البر ولو ظلف محرق فلا ينبغي أن يحقر ذلك، بل يخرجه في سبيل الله كما يخرج الكثير إذا أمكنه، فيكون بهذين الأمرين جامعًا لمقامين شريفين وهما: جوده بالكثير وتواضعه في بذل اليسير، فيبين أن بذله للكثير كان لله، وأن بذله