ذلك كله بمجموعه آية على نبوته، فاستدل من هذا على أن الله في كل أقضيته أسرارا يفهمها العلماء من عباده.

فأما كونه لما طلب منه الاستسقاء بادر إلى الطلب ولم يتوقف، لأنه فهم - صلى الله عليه وسلم - أن ما يقدم من جنس المطر كان لإثارة للهمم لهذا السؤال، فلما فزع الطالبون إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه الغوث، لم ير أن يؤخر ذلك حينئذ لحظة؛ فطلب الخير من أهله.

* وفيه أيضًا ما يدل على أن المسجد لم يكن ذا سقف أو قد كان من جريد يمنع الشمس ولا يمنع المطر لقوله: (فرأيت أثر الماء في جبهته وأنفه).

* وفيه دليل على أنه كان ذلك في وقت لم يكن في السماء قزعة من غيم، وأن الله تعالى أوجده في ذلك الوقت، ثم استمر مستهلًا ذلك اليوم وما يليه وما بعده (152/ أ) إلى الجمعة الأخرى حتى خيف من زيادته، وأنه قام ذلك الرجل خائفًا من تهدم البنيان وتعطل السبل فطلب كشفه.

* وفيه دليل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع استجازته دعا الله في كف الأذى من زيادة المطر، فإنه أحسن القول، بأن طلب سلام المدينة التي فيها الجدران الجائز عليها أن يتهدم، والسقوف الممكن فيها أن تهبط، وطلب من الله تعالى أن يعدل به إلى بطون الأودية ومنابت الشجر مما لا يضر فيه الإكثار من الغيث، فكان ذلك أيضًا جمعًا بين ما أنعم الله به لعموم الناس وبين إجابة سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة من أجل جدرانهم وطرقهم.

* وفيه أيضًا ما يدل على رفع اليدين إلى السماء في السؤال، وأنه لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015