أجله الذي كتب له بحال من الحال؛ فإنه جل جلاله قد تمت كلمته ومضى أمره.
وهو سبحانه وتعالى كان قد سبق لعدوه إبليس منه نظرة وطول أمد وفسحة أجل إلى وقت معلوم، ثم إنه جاهر بالمعصية، وبادر بالمخالفة، وأضل من الخلق من أضل، وطمع في أن يفتن الأنبياء، وقد أوجب الله عز وجل عليه لعنته ووجه إليه غضبه، وهو مع ذلك فلا ينقصه من عمره الذي (138/ أ) كان قد قسم له لحظة فما دونها، فكيف يظن ظان أن الله سبحانه ينقص عبده من أجل كان قد قسمه له.
* وقوله: (ما رزقه): المعنى أنه كان قد سبق له في علم الله تعالى رزق معلوم بحساب محسوب، فاستعمله الملك على ما سبق شرحه، فلا يقدر أهل السموات وأهل الأرض أن ينقصوا من رزق العبد الذي سبق في علم الله حبة خردل ولا أن يضعوها فوقه، فإذا أيقن العبد بذلك أجمل في الطلب وتنكب الحرص.
* فأما السعادة والشقاوة، فإن من سبقت له السعادة فإن الله سيوفقه لعمل أهل السعادة إلا أنه لا يؤمن عليه، فإن عمله لا يؤمن عليه آفات عمله إلى وقت موته أن ينقلب حاله فيختم له بعمل الأشقياء، ويكون قد كان سبق في علم الله تعالى الذي أظهره إلى الملك أن هذا يعمل أولا بعمل أهل الخير، ثم يختم له بعمل أهل الشر حتى لا يركن أحد إلى عمل فيكون هذا ممن كتب شقيا إلا أنه نادر في الأشقياء.
ويكون السعيد قد يسر لعمل أهل السعادة إلا أنه قد يعمل الواحد منهم بعمل أهل الشقاء فأدركته الرحمة فلم يقنط من رحمة ربه وتاب إلى الله عز وجل عند آخر نفس فتختم له بالسعادة، وهذا مما يكون سابقا في العلم أنه