قد تقدم قولنا فيه، وإنما مما ذكر سيبويه: أن تعني قول الله أكبر أي الله كبير، فإذا قلت: الله أكبر كبيرًا، فإنما تنصب كبيرًا مصدرًا وقوله الحمد لله كثيرًا، فإن كثيرًا هاهنا صفة لمصدر، كما أن كبيرًا يجوز أن يكون صفة أو صفة لمصدر أيضًا، فيكون معناه مسمى كبيرًا.
* (ويكون الحمد لله حمدًا كثيرًا) يريد به أن الحمد لله حمدًا كثيرًا من حيث استحقاقه فلا يزل استحقاقه لذلك يتصل النطق به، ويكثر فبهذا يكون الحمد أبدًا كثيرًا، وكثيرًا فعيل، وقد تأتي بمعنى فاعل فيكون كثيرًا بمعنى كاثر.
*وقوله: (سبحان الله بكرة وأصيلًا) أي ليلًا ونهارًا، وذلك لأن سواد الليل يسبح لله بلسان حاله، وبياض النهار يسبح لله أيضًا بحاله عند مشاهدة اختلافهما، إذ كل منهما يدع عند إخفاء الآخر موصمين بوصمات الحدث، مشوهين بتشويهات التبدل والاختلاف، ويجدد كل واحد منهما عند فناء الآخر في محله كله فهما بتبيان بنقصهما فضل خالقهما، وبالعزة فيهما كان مبدعهما والبكرة والأصيل: فهما أطيب أوقات الليل والنهار، وإذا اشرأبت النفوس إلى ذين الوقتين دعتها العقول إلى ما في مطاويهما من العور (125/أ) والعيوب والنقص، فكان التسبيح لله بكرًة وأصيلًا من أحسن ما تنهض إليه عقول المؤمنين وأفهام الصديقين.