لم يعلم وَلم يبين علم أَنه لَيْسَ لله فِيهَا شَيْء مِمَّا اخترعتمون لكنكم تحكمتم بإختراع مَا جهلتم وشرعتم مَا لم يشرع لكم نَبِيكُم فَإِن قَالُوا هَذِه أَيَّام اتخذناها لفعل الْخَيْر نتصدق فِيهَا على مساكيننا ونطعم فِيهَا جياعنا وَهَذِه أَفعَال خير وبهذه جَاءَت الشَّرَائِع كلهَا
قُلْنَا لَهُم لَا ننكر أَن الشَّرَائِع جَاءَت بإعانة الْمَسَاكِين لَكِن لم خصصتم لَهَا أَيَّامًا بالتحكم ثمَّ أوجبتم صِيَانة تِلْكَ الْأَيَّام أَو لأي شَيْء لم تَقولُوا أَنه يَنْبَغِي إطْعَام الْمَسَاكِين أبدا وسد خلاتهم مَتى ظَهرت وَلم تحتاجوا إِلَى وضع أَحْكَام بالتوهم وَلَو كُنْتُم موفقين لسلكتم مَسْلَك اتِّبَاع الْمَسِيح تَفْعَلُونَ مَا فعل وتتركون مَا ترك وَلَو فَعلْتُمْ ذَلِك لَكَانَ مُوَافقا لتعظيمه
وَلَو فَرضنَا عَبْدَيْنِ أَمرهمَا سيدهما بالإقتداء بِهِ وبإتباع سنته فَأخذ الْوَاحِد مِنْهُمَا يقفو أثر سَيّده فِي أَفعاله فَلَا يزِيد فِيهَا وَلَا ينقص مِنْهَا بل هُوَ مواظب عَلَيْهَا غير خَارج عَنْهَا وَلَا زَائِد فِيهَا وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُعْتَقد لتعظيمه محب لَهُ وَأخذ الآخر يزِيد تَارَة فِي حكم وَينْقص تَارَة من حكم وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُعظم لسَيِّده فَلَو فَرضنَا أَن السَّيِّد قَالَ للْأولِ مَا صنعت فِيمَا أَمرتك فَقَالَ لَهُ لم أَزْد على مَا رَأَيْتُك تفعل وَلَا نقصت لِأَنِّي خفتك وَأَيْضًا فَإِنِّي أحبك وأعظمك فأحببتك وأحببت فعلك الَّذِي رَأَيْتُك تَفْعَلهُ فَلَا شكّ أَن الْعُقَلَاء يستحسنون هَذَا الْفِعْل ويرون أَن هَذَا العَبْد فِي أَعلَى دَرَجَات الْعقل وَالطَّاعَة لسَيِّده والمحبة لَهُ والتعظيم وَإِن مثل هَذَا يَنْبَغِي للسَّيِّد أَن يعتقهُ ويثبه
وَأما الثَّانِي فَإِذا قَالَ لَهُ سَيّده مَا فعلت فِيمَا أَمرتك فَيَقُول فعلت مَا رَأَيْتُك تفعل وَمَا أَمرتنِي بِهِ إِلَّا أَنِّي زِدْت أفعالا لم تَأْمُرنِي بهَا ونقصت أَيْضا فَإِنِّي تركت أفعالا رَأَيْتُك تفعلها فَيَقُول لَهُ لأي شَيْء زِدْت مَا لم آمُرك بِهِ ونقصت مِمَّا رَأَيْتنِي فعلت فَلَا يَصح لَهُ أَن يَقُول لِأَنِّي عظمتك وأحببتك فَإِن هَذَا لَا يُنَاسب تَعْظِيمه وَلَا محبته بل يُنَاسب بغضه وإهانته فَلَا شكّ أَن الْعُقَلَاء يحكمون أَن مثل هَذَا العَبْد لم يطع سَيّده فِي جَمِيع مَا أمره بِهِ وَأَنه كَاذِب فِي تَعْظِيمه ومحبته وَأَنه مستوجب لنكال سَيّده