لَو وَقع شَيْء من دَمه على الأَرْض ليبست ثمَّ إِنَّه أثر ذَلِك قَالَ أَلا شَيْء وَقع فِيهَا نبت مِنْهُ النوار فَكيف يَصح فِي عقل مَجْنُون فأحرى فِي عقل عَاقل أَن يتَكَلَّم بِمثل هَذَا الهذيان أَو يسْتَحل أَن يَتَحَرَّك لَهُ بذلك لِسَان فَإِنَّهُ كذب فَاسد متناقض فلعمري لَو أَن شَيْطَانا يتقول على ألسنتهم وَهُوَ يُرِيد الإضحاك بهم مَا بلغ مِنْهُم بِأَكْثَرَ مِمَّا بلغُوا من أنفسهم بِهَذَا القَوْل السفساف الَّذِي اتّفق الْعُقَلَاء على فَسَاده وإستحالته من غير خلاف
وَلَقَد أحسن بعض عقلاء الشُّعَرَاء فِي إفحام هَؤُلَاءِ الأغبياء فَقَالَ ... عجبى للمسيح بَين النَّصَارَى ... وَإِلَى أَي وَالِد نسبوه
أسلموه إِلَى الْيَهُود وَقَالُوا ... أَنهم بعد قَتله صلبوه
فَإِذا كَانَ مَا تَقولُونَ حَقًا ... وصحيحا فَأَيْنَ كَانَ أَبوهُ
حِين حل ابْنه رهين الأعادي ... أَترَاهُم قد رضوه أم أغضبوه
فلئن كَانَ رَاضِيا بأذاهم ... فاحمدوهم لأَنهم عذبوه
وَإِذا كَانَ ساخطا فاتركوه ... واعبدوهم لأَنهم غلبوه ...
فقد جعلتم أَنفسكُم ضحكة الْعُقَلَاء حَيْثُ ارتكبتم كل قبيحة شنعاء وَمَا بالنا نطول الْكَلَام مَعَ من تبين عارهم ومحالهم للخاص وَالْعَام فَقدر هَؤُلَاءِ الْقَوْم عِنْد الْعُقَلَاء أَحْقَر من قلامة فِي قمامة وأخس من بقة فِي حَقه وَلَوْلَا أَن هذيانهم ومحالهم طبق الْوُجُود لما كَانَ يَنْبَغِي أَن يتَكَلَّم مَعَهم من الْعُقَلَاء مَوْجُود فَإِن الْكَلَام مَعَهم مخل بالعقول محوج لحكاية القبائح والفضول
وَقد قدمت فِي صدر الْكتاب مَا يمهد الْعذر ويزيل العتاب وَأَنا اسْتغْفر الله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وأسأله التَّوْبَة من حِكَايَة قبائحهم وأسأله جزيل الْأجر فِي إبداء فضائحهم