ثمَّ يلزمكم عَلَيْهِ أَيْضا نِسْبَة الله إِلَى الْجور وَإِلَى أَنه يَأْخُذ بالذنب غير فَاعله ويعاقب على الزُّور غير قَائِله وَهَذَا يهون عَلَيْكُم إِذْ لَيْسَ للإله قدر عنْدكُمْ إِذْ قد صرحتم بِأَن آدم ظلمه وَأَنه لَا يُمكن أَن ينْتَقم مِمَّن ظلمه واستهان بِقَدرِهِ
فياليت شعري لأي شَيْء لم يُمكنهُ أَن ينْتَقم من عَبده الْعَاجِز عَن ذَلِك أم لِأَنَّهُ لَا يقدر على عِقَاب أحد مِمَّن هُنَالك أم بحكمة أَنه يُعَاقب غير الْجَانِي أم لحكمة قتل وَلَده فِي جِنَايَة عَبده
قاتلكم الله مَا أسخف عقولكم وَمَا أرك فروعكم وأصولكم ثمَّ أعجب من ذَلِك أَنهم يَقُولُونَ الْكَلِمَة هِيَ الله وَالله هُوَ الْمَسِيح ثمَّ يَقُولُونَ إِنَّه لم يُمكنهُ أَن ينْتَقم من عَبده العَاصِي الَّذِي ظلمه وَإِنَّمَا انتقم من إِلَه مثله
فَانْظُر إِلَى هَذَا التَّنَاقُض الشنيع كَيفَ يعتقدونه تَارَة أَنه هُوَ فَيلْزم عَلَيْهِ أَنه هُوَ المنتقم والمنتقم مِنْهُ والمعاقب والمعاقب وَتارَة يَعْتَقِدُونَ أَن الإهانة والصلب لم يحل بلاهوته بل حل بناسوته
وناسوته لَيْسَ بإله فَيلْزم على هَذَا القَوْل الآخر أَنه لم ينْتَقم من إِلَه مثله وَكَيف مَا كَانَ فالتناقض لَهُم لَازم والمحال
وَهَكَذَا يفعل الله بالجهال أهل الضلال ثمَّ انْظُر سخف جرأتهم على الْكَذِب وَقَوْلهمْ بالمحال من غير سَبَب حَيْثُ قَالَ فَأَخَذُوهُ وصلبوه فغار دَمه فِي اصبعه وَهَذَا لم يرد مِنْهُ شَيْء فِي كتبهمْ بل هُوَ من كذبهمْ وإختراعهم
وَلَو كَانَ هَذَا حَقًا لَكَانَ أولى بِالنَّقْلِ من نقلهم جعل الصَّلِيب على عُنُقه وَأَنه رفع إِلَيْهِ إِنَاء خل ليشربه وَكتب على خشبته بالرومية والعبرانية والعجمية هَذَا ملك الْيَهُود فَهَذَا ولابد كذب وتواقح فَإِن كابروا فِي ذَلِك على عَادَتهم قُلْنَا لَهُم فَأتوا بالإنجيل فاتلوه إِن كُنْتُم صَادِقين
ثمَّ انْظُر كَيفَ تنَاقض ذَلِك الْمُتَكَلّم على الْفَوْر فِي قَوْله لِأَنَّهُ