لاخلاف عِنْد النَّصَارَى أَن إِنْكَار صلب الْمَسِيح كفر وَمن شكّ فِيهِ فَهُوَ كَافِر وَأَنا الْآن أذكر كَلَامهم فِي الصلوبية وَفِي مَعْنَاهَا عِنْدهم
الْكَلِمَة هُوَ الله وَهُوَ مَخْلُوق من طَرِيق الْجِسْم وخالق من طَرِيق النَّفس وَهُوَ خلق جِسْمه وَهُوَ خلق أمه وَأمه كَانَت من قبله بالناسوت وَهُوَ كَانَ من قبلهَا باللاهوت وَهُوَ الْإِلَه التَّام وَهُوَ الْإِنْسَان التَّام وَمن تَمام رَحمته على النَّاس أَنه رضى بهرق دَمه عَنْهُم فِي خَشَبَة الصلب فمكن الْيَهُود أعداءه من نَفسه ليتم سخطه عَلَيْهِم فَأَخَذُوهُ وصلبوه وغار دَمه فِي إصبعه لِأَنَّهُ لَو وَقع شَيْء من دَمه على الأَرْض ليبست إِلَّا شَيْء وَقع فِيهَا فنبت فِي مَوْضِعه النوار
لِأَنَّهُ لما لم يُمكن فِي الْحِكْمَة الأزلية أَن ينْتَقم الله من عَبده العَاصِي آدم الَّذِي ظلمه واستهان بِحقِّهِ فَلم يرد الله الإنتقام مِنْهُ لاعتلاء منزلَة السَّيِّد وسقوطه منزل العَبْد أَرَادَ أَن ينتصف من الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ إِلَه مثله فانتصف من خَطِيئَة آدم بصلب عِيسَى الْمَسِيح الَّذِي هُوَ إِلَه متساو مَعَه فصلب ابْن الله الَّذِي هُوَ الله فِي السَّاعَة التَّاسِعَة من يَوْم الْجُمُعَة
هَذَا نَص كَلَامهم من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان
وَقَالَ بليون الجاثليق فِي رسَالَته لليون الْملك كبول أسرتنا لَا يُمكن أَن تحل إِلَّا بَان يطلع إِنْسَان من جنسنا وطبيعتنا من لَا تضبطه مَعْصِيّة الذَّنب على ضد آدم وَمن بدمه الطَّاهِر تمحو أزلات الرِّيق المهلك الَّذِي كَانَ حتمه الله وَقضى بِهِ مُنْذُ البدء فتم ذَلِك الْفِعْل عِنْد إنقضاء الزَّمَان الْمَحْدُود وَذَلِكَ ليتم الْوَعْد الْمَوْعُود
مَفْهُوم هَذَا الْكَلَام أَن ذَنْب آدم كَانَ فِي رِقَاب بنيه إِلَى أَن قتل عِيسَى وانتقم مِنْهُ لأجل آدم وَحِينَئِذٍ عفى عَن آدم وبنيه
ولهذه الْحِكْمَة كَانَت صلوبية الْمَسِيح عِنْدهم يَا معشر الْعُقَلَاء أنظروا بِعَين الإعتبار جهل هَؤُلَاءِ الأغمار وجرأتهم على الْعَزِيز