فَقلت لَهُ يَا فلَان إِنِّي كنت مَعَ فلَان فأوصاني إِلَى فلَان ثمَّ أَوْصَانِي فلَان إِلَى فلَان ثمَّ أَوْصَانِي فلَان إِلَيْك فَإلَى من توصى بِي أَنْت وَبِمَ تَأْمُرنِي
قَالَ أَي بني وَالله مَا أعلمهُ أصبح الْيَوْم أحد على مثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ من النَّاس آمُرك بِهِ أَن تَأتيه وَلكنه قد أظل زمَان نَبِي وَهُوَ مَبْعُوث بدين إِبْرَاهِيم يخرج بِأَرْض الْعَرَب مهاجره إِلَى أَرض بَين حرتين بَينهمَا نخل بِهِ عَلَامَات لَا تخفى يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة وَبَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة فَإِن اسْتَطَعْت أَن تلْحق بِتِلْكَ الْبِلَاد فافعل
قَالَ ثمَّ مَاتَ وغيب وَلحق سلمَان بِالْمَدِينَةِ بِالْأَرْضِ الَّتِي عينت لَهُ فَأَقَامَ هُنَالك حَتَّى قدم عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُهَاجرا فبحث عَن تِلْكَ العلامات الَّتِي رسمت لَهُ فَوَجَدَهَا كَمَا رسمت لَهُ فَآمن بِهِ وَأتبعهُ وَصدقه وَكَانَ مَعَه وعَلى دينه إِلَى أَن توفاه الله تَعَالَى رَضِي الله عَنهُ
وَلَو ذهبت إِلَى استقصاء مثل هَذَا لطال الْكتاب
فَلَمَّا بلغ مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ سنة بَعثه الله تَعَالَى رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس بشيرا وَنَذِيرا
فَكَانَ أول مَا ابتدئ بِهِ من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم وَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثمَّ حبب الله إِلَيْهِ الْخلْوَة فَكَانَ يَنْقَطِع إِلَى الكهوف وَالْجِبَال ويأوى إِلَيْهَا
فَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء وَكَانَ فِي ذَلِك لَا يمر بِحجر وَلَا شَجَرَة إِلَّا قَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فيلتفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حوله عَن يَمِينه وشماله وَخَلفه فَلَا يرى إِلَّا الشّجر وَالْحِجَارَة تكَلمه
فَمَكثَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى وَيسمع مَا شَاءَ الله أَن يمْكث ثمَّ جَاءَ جِبْرِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا جَاءَهُ من كَرَامَة الله وَهُوَ بحراء فِي رَمَضَان وَمن ذَلِك الْوَقْت ظَهرت آيَاته وعمت