وَأما الْيَهُود فَكَانَت تكون بَينهَا وَبَين الْعَرَب شرور وحروب فَرُبمَا أَصَابَت الْعَرَب مِنْهُم فَكَانَت الْيَهُود تَقول قد قرب زمَان نَبِي سيبعث الْآن نقتلكم مَعَه قتل عَاد وارم ثمَّ لم يَلْبَثُوا حَتَّى ظهر وعرفوه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم
فَلَمَّا بعث مِنْهُم من آمن بِهِ وَمِنْهُم من كفر بِهِ حسدا وعنادا كَمَا فَعلْتُمْ أَنْتُم
وَلَقَد قدم الْمَدِينَة نفر من الْيَهُود يَلْتَمِسُونَ هجرته إِلَيْهَا وَكَونه فِيهَا من ذَلِك مَا يحْكى عَن ابْن الهيبان حبر من أَحْبَار يهود وَمِمَّنْ كَانَ يَنْتَهِي إِلَيْهِ علمهمْ وَكَانَ فَاضلا فِي دينه مجاب الدعْوَة مِمَّن علم ذَلِك مِنْهُ بِكَثْرَة تجربة ذَلِك فَقَالَ للْيَهُود يَوْمًا مَا تَرَوْنَهُ أخرجني من الشَّام أَرض الْخمر والخمير إِلَى أَرض الْبُؤْس والجوع قَالُوا لَهُ أَنْت أعلم قَالَ فَإِنِّي قدمت هَذِه الْبَلدة أتوكف خُرُوج نَبِي قد أظل زَمَانه وَهَذِه الْبَلدة مهاجره فَكنت أَرْجُو أَن يبْعَث فَأتبعهُ وَقد أظلكم زَمَانه فَلَا تسبقن إِلَيْهِ يَا معشر يهود فَإِنَّهُ يبْعَث بسفك الدِّمَاء وسبى الذرارى وَالنِّسَاء مِمَّن خَالفه فَلَا يمنعكم ذَلِك مِنْهُ
فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحاصر بني قُرَيْظَة قَالَ نفر من الْيَهُود يَا بني قُرَيْظَة وَالله إِنَّه للنَّبِي الَّذِي كَانَ عهد إِلَيْكُم فِيهِ ابْن الهيبان قَالُوا لَيْسَ بِهِ قَالُوا بلَى وَالله إِنَّه لَهو بِصفتِهِ فنزلوا وَأَسْلمُوا وَمثل هَذَا كثير
قصَّة سلمَان الْفَارِسِي وَذَلِكَ أَنه كَانَ تنصر وَقَرَأَ كتبكم وَبحث عَن جمَاعَة من أهل دينكُمْ أعنى الَّذين كَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بدين الْمَسِيح فَلم يزل يبْحَث عَنْهُم وَاحِدًا بعد وَاحِد ويخدمهم حَتَّى يحضرهم الْوَفَاة فَكَانَ الْوَاحِد مِنْهُم إِذا حَضرته الْوَفَاة وصاه بِأَن يلْحق بِمن هُوَ على مثل دينه وحاله ويعينه لَهُ ويدله عَلَيْهِ إِلَى أَن وصل إِلَى عمورية إِلَى أَرض الرّوم إِلَى رَاهِب نَصْرَانِيّ كَانَ هُنَالك
قَالَ سلمَان فأقمت عِنْد خير رجل على هدى أَصْحَابه وَأمرهمْ يَعْنِي الدّين كَانُوا دلوا عَلَيْهِ إِلَى أَن حَضرته الْوَفَاة