النِّكَاح محرم عنْدكُمْ وَقد فعل الله ذَلِك فِي أَحْكَام أخر على مَا يعرف من أَحْوَال الشَّرَائِع وإختلافها فِي بعض الْأَحْكَام وَإِنَّمَا يتَحَقَّق هَذَا الْمَعْنى على الْيَقِين من يعلم أَن حَقِيقَة الحكم الشَّرْعِيّ هِيَ خطاب الشَّرْع الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين على جِهَة الإقتضاء أَو التَّخْيِير فعلى هَذَا لَا معنى للْحكم إِلَّا قَول الشَّارِع افعلوا أَو لَا تَفعلُوا أَو إِن شِئْتُم فافعلوا وَإِن شِئْتُم فاتركوا على مَا يعرف فِي مَوْضِعه
ثمَّ هَذَا الَّذِي عبته علينا أَيهَا الجهول لَهُ معنى صَحِيح فِي الْعُقُول جَار على منهاج الْمصَالح الْمَعْقُول وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى إِنَّمَا شرع الطَّلَاق ليتخلص الرجل من نكد الْمَرْأَة وأسوها رفقا بِنَا وَرَحْمَة مِنْهُ علينا فقد تكون غلا قملا تضر بِالرجلِ ضَرَرا حقبا لَا يُمكن أَن يطلع عَلَيْهِ أحد فَلَا تجبر على إِزَالَته لكَونه لَا يتَحَقَّق من جِهَتهَا فَجعل للرحل أَنه مَتى شَاءَ أَن يتَخَلَّص مِنْهَا وَمن ضررها فعل
وَأَيْضًا فلكون النِّسَاء فِي الْغَالِب ناقصات عقل فَلَو علمت أَن الرجل لم يَجْعَل لَهُ سَبِيل إِلَى مفارقتها لما كَانَت تحترمه وبادرت إِلَى ضَرَره فَأَرَادَ الشَّارِع أَن يَجْعَل للرجل سَببا يحترم لأَجله وَهُوَ الطَّلَاق فَإِن الْمَرْأَة إِذا علمت أَنَّهَا إِن بالغت فِي ضَرَر زَوجهَا طَلقهَا امْتنعت من ضَرَره فِي الْأَكْثَر
فَإِن عورضنا وَقيل لنا فَيلْزم على ذَلِك أَن تطلق الْمَرْأَة نَفسهَا مَتى شَاءَت فَإِن الرجل قد يضر بهَا ضَرَرا لَا يطلع عَلَيْهِ أحد فَإِن راعيتم وجود الضَّرَر وتوقعه فِي حق الزَّوْج فَلم لم تراعوه فِي حق الزَّوْجَة كَذَلِك فَنَقُول إِنَّمَا لم نراعه فِي حق الْمَرْأَة لأَنا لَو جعلنَا للْمَرْأَة أَن تطلق نَفسهَا مَتى شَاءَت لما اسْتَقَرَّتْ إمرأة عِنْد زَوجهَا فِي غَالب الْأَمر لِأَنَّهُنَّ ناقصات عقل فَلَا يُؤمن عَلَيْهِنَّ غَلَبَة شهواتهن على عقولهن
وَإِن فتح هَذَا الْبَاب طَرَأَ مِنْهُ من الضَّرَر مَا لَا ينسد وَلَا يتدارك فسد هَذَا الْبَاب فِي حق النِّسَاء لهَذِهِ الْحِكْمَة وَفتح فِي حق الرِّجَال ليزول عَن أَعْنَاقهم غل الضَّرَر والنقمة وَالله أعلم