الَّذِي قَالَه أغشتين هُوَ الَّذِي قَالَه هُوَ وهيهات أَن بَينهمَا مَا بَين الثرى والثريا
وَغَايَة كَلَام أغشتين وَإِن كَانَ فِيهِ من المخطئين أَن يَقُول قد علمنَا أَن الله تَعَالَى خلق الصَّوْت الَّذِي أسمعهُ لمُوسَى كَمَا علمنَا أَن الله خلق جَمِيع الْأَصْوَات وَلَكِن وَجب علينا الْإِقْرَار لذَلِك الصَّوْت بالربوبية مالم يجب لغيره لعلمنا أَن الله تَعَالَى ولى المخاطبة بِهِ
هَذَا نَص مَا فِي كِتَابه على هَذَا الْمَعْنى
وَلَا يفهم مِنْهُ شَيْء مِمَّا انتحله ذَلِك السَّائِل وَقد وكلت النَّاظر الْعَاقِل الْمنصف للوقوف على كَلَامهمَا وتفهم معانيهما فَإِنِّي قد نصصت على كَلَامهمَا فِي هَذَا الْكتاب وحكيته كي يَزُول الإرتياب وَيعلم النَّاظر الْمنصف أَن السَّائِل لَيْسَ على شَيْء من الصَّوَاب وَإِنَّمَا نبهت هَذَا التَّنْبِيه حذرا من المغالطة والتمويه فَإِنِّي أَخَاف إِن وبخ أحد أقسة النَّصَارَى هَذَا السَّائِل على هَذَا الْمَذْهَب الَّذِي اخترعه والمحال الَّذِي ابتدعه أَن يحْتَج لنَفسِهِ بِأَن ينْسبهُ إِلَى أغشتين وَيكون فِي نسبته من الْكَاذِبين
فَمن أَرَادَ الْإِنْصَاف فليطرح عَن نَفسه التعصب والإعتساف وَيقف على كَلَامهمَا متدبرا وَفِيه متفكرا وَلَقَد كنت أَتَمَنَّى أَن يكون أُولَئِكَ الأقسة بَين يَدي حَتَّى يسمعوا مني وينظروا إِلَى فَلَيْسَ كل مَا فِي النَّفس تبرزه الْمُكَاتبَة ثمَّ لَيْسَ الْخَبَر كالمشافهة
وَأما قَوْله وَإِذا وَجب إكرام الْحجاب بإكرام المحتجب بِهِ لم يبْق علينا من الْكَلَام شَيْء إِلَّا فِي الْحجاب الَّذِي اتَّخذهُ منا وَهُوَ الْمَسِيح فَنَقُول الْمَفْهُوم من لفظ الْحجاب إِنَّمَا هُوَ السَّاتِر للشَّيْء الْمَانِع لَهُ فَإنَّك تَقول احتجب عني فلَان إِذا استتر عَنْك وَامْتنع من لقائك وَالْخُرُوج إِلَيْك وَلَا يَصح هُنَا على مَفْهُوم كَلَام هَذَا الرجل أَن يكون الْحجاب هُوَ السَّاتِر بل هُوَ الكاشف الْمظهر على قَوْله وَذَلِكَ أَن إِرَادَة الله وذاته قبل إتخاذ الصَّوْت وَالصُّورَة لم يكن شَيْء مِنْهُمَا ظَاهرا فَلَمَّا اتخذهما ظَهرت إِرَادَته وذاته هَذَا مَفْهُوم مساق كَلَامه فتدبره