ففيه إشعار باحتياج الله سبحانه وتعالى إلينا، فكأن الحنفية نظروا لذلك، ومع ذلك ففي إطلاق الكفر نظر، بل ينبغي التفصيل بين أنه يريد هذا المعنى فيحكم بكفره، وبين أن يريد اكفنا سواء بسوء: أي لا شيء لنا غير طلب الكفاية كما لا شيء علينا فلا كفر، وكذا إن أطلق؛ لأن اللفظ ليس نصًا في المعنى الأول، ولا ظاهراً فيه.
وما ذكره فيما بعد ذلك ظاهر وقد مرّ ما يوافقه.
وما ذكره في يمينك والضراط سواء إنما يتجه إن أراد باليمين المقسم به الذي هو اسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، أما لو أقسم بنحو طلاق أو إعتاق فلا كفر كما هو ظاهر، وكذا إن أقسم بالأول وأراد بيمينه فعله الذي هو حلفه دون المحلوف به، ويتردد النظر هنا فيما لو أطلق، وقد أقسم بالأول ويظهر أنه لا كفر، لما علمت أن اليمين مترددة بين الفعل والمحلوف به وتبادرها إلى المحلوف به إن سلم لا يقتضي الحكم بالكفر عند الإطلاق لما علمت من أنها مع ذلك محتملة احتمالاً غير بعيد، وعند وجود الاحتمال الذي هو كذلك لا يتجه الكفر، وذكر اسم نبي أو ملك في اليمين كذكر اسم الله تعالى فيما ذكرته فيه من التفضيل، ولا يمنع من ذلك كراهة الحلف به لأنها لمعنى آخر غير ما نحن فيه.