وما ذكر في: ليس له نية في الكفر نظر فضلاً عن كونه متفقاً عليه لأن النية القصد.

وقد ذكر النووي عفا الله عنه في شرح المهذب أنه يقال: قصد الله كذا بمعنى أراد، فمن قال: ليس له نية، أي: قصد، فأن أراد أنه ليس له قصد كقصدنا فواضح، وكذا إن أطلق، أو أراد أنه لا إرادة له أصلاً، فإن أراد المعنى الذي يقوله المعتزلة فلا كفر أيضاً، أو أراد سلبها مطلقاً لا بالمعنى الذي يقولونه فهو كفر.

وما ذكره في: أنصف الله ينصفك يوم القيامة، من أنه كفر، فيه نظر ظاهر، لأنه إن أراد به أنك إن أطعته أثابك فواضح أنه غير كفر، وإن أراد حقيقة الإنصاف المشعرة بالاحتياج اتجه الكفر؛ لأن من اعتقد أن الله يحتاج إلى أحد من خلقه فلا شك في كفره، وإن أطلق تردد النظر فيه، والظاهر أنه غير كفر؛ لأن الإنصاف لا يستلزم ذلك، وعلى تسليم أنه يستلزمه فلا بدّ من قصد ذلك اللازم كما عُلم مما مرّ في المجسمة.

قال: أو قال: يا رب اكفنا رأساً برأس، أو قال: أنا كافر أو بريء من الله أو من النبي أو من القرآن أو من حدود الله تعالى أو من الشرائع أو من الإسلام ولم يعلق بشيء، أو قال: يمينك والضراط سواء، أو قال له خصمه: أحاكمك بحكم الله تعالى، فقال: لا أعرف الحكم، أو ما يجري الحكم هنا، أو ليس هنا حكم ما هنا إلا دبوس، إيش يعمل الحكم هنا. انتهى.

وما ذكره في: يا رب اكفنا رأساً برأس في كونه كفراً مطلقاً نظر فضلاً عن كونه متفقاً عليه، فقد نُقل عن الشيخ الأمام أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين الذي قيل في ترجمته: لو جاز أن يرسل الله نبياً في زمن أبي محمد الجويني لكان هو أبا محمد الجويني إنه كان يحيي الليل ثم يقول عند السحر: سواء بسواء أي: لا شيء لي ولا شيء عليّ، ولك أن تفرق بين هذا اللفظ واكفنا رأساً برأس، بأن ذكر الكفاية يستدعي أنك كما تكفينا نكفيك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015