وعدمه إنما ترتبط به الأحكام باعتبار الباطن لا الظاهر، فاندفع زعمه أن هذا المعنى لا يُفهم من لفظه، وقوله: إنما مراده ومعنى لفظه إلى آخره، بل ذكره المراد لا وجه له هنا البتة، لما قررناه بأن حكمنا إنما هو باعتبار الظاهر، فلا يبحث عن المراد ولا ندير عليه حكماً ظاهراً، واندفع حصره بقوله: إنما وصف بالكفر الشخص لا دين الإسلام.
وأما ما زعمه من اللزوم المذكور فغير صحيح، بل لا يلزم عليه ذلك؛ لأن العبادة لا تنافي الفسق لإمكان اجتماعهما في آن واحد؛ إذ من ارتكب كبيرة فاسق، وإن كان أعبد الناس، بخلاف الكفر والإسلام فإنه لا يمكن اجتماعهما في شخص واحد في حالة من الأحوال، فلا يلزم من القول لعابد: يا فاسق تسمية العبادة فسقاً، بخلاف القول لمسلم: يا كافر فإنه ظاهر في الوصف بالكفر، ولو مع ما هو عليه من الإسلام، فلزم تسمية الإسلام كفراً، وما تعجب منه يُردّ بأن اللفظ إذا كان محتملاً لمعانٍ فإن كان في بعضها أظهر حمل عليه، وكذا إن استوت ووجد لأحدها مرجح وهو هنا ما مرّ من وصفه بالكفر مع علمه بما هو عليه من الإسلام، فقوله: "واحتمال غيره أكثر" ظاهر، وقوله: "وأظهر" ليس في محله كما تقرر، وقوله: وإنما يصح المعنى الذي ذكره إلى آخره، يُرد بما علمته مما هو غني عن الإعادة.
وقوله: "وأما المسلم فلا يريد هذا أصلاً" ليس في محله أيضاً؛ لأن الإرادة وعدمها لا شغل لنا بها.