قلت: قد يلزمه ذلك لأنه إيذاء, وإيذاؤه إنما يجوز للإمام بالقتل إن لم يتب، ويمكن الفرق بأن المرتد لم يُظهر الإسلام فلم يكن له احترام أصلاً بخلاف من أظهر الإسلام، وإن كان كافراً باطناً, ومع ذلك فالموافق للقواعد أنه حيث ثبت كفره باطناً كان حكمه حكم المرتد، ولا تعزير على من قال له: يا كافر.
وفسر الغزالي في الإحياء الحديث بما يوافق كلام المتولي أيضا حيث قال: معناه أنه يكفره وهو يعلم أنه مسلم، أي: فيكفر بدليل قوله، فإن ظن أنه كافر ببدعة أو غيرها كان مخطئاً لا كافراً انتهى.
وقد يؤخذ من كلامه حمل كلام الحليمي السابق على غير ما مرّ, بأن يقال: معنى قوله: إن كان أخوه مسلماً حقيقياً أي: في اعتقاده, وقوله: وإن كان يُبطن الكفر ولا يُظهره أي: في اعتقاده وحينئذٍ فاتضح قوله: وحينئذٍ يعزر القائل، وهذا التأويل متعين لا ينبغي العدول عنه.
وقد فسر ابن رشد من أكابر أئمة المالكية الحديث بما يوافق كلام المتولي أيضا، حيث قال: حُمِل الحديث على أن من قال ذلك كفر حقيقة, لكن فيمن كفر أخاه حقيقة؛ لأنه إن كان المقول له كافراً فقد صدق، وإلا كفر القائل؛ لأنه اعتقد ما عليه المؤمن من الإيمان كفراً، واعتقاد الإيمان كفراً كفر, قال الله تعالى: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) المائدة/5. وقال غيره من أئمتهم: لا يبعد حمل الحديث على ظاهره من تكفير القائل على القول بأن الدعاء على غيره بالكفر كفر. واعترضه بعضهم بأن الداعي إنما كفر على