عليه). ومن ثم كانت هذه الرواية في قوة قضية منفصلة أقيم البرهان على صدقها بخلاف الأولى، إذ معناها كل مكفر أخاه: فدائماً إما أن يكفر القائل أو المقول له، وبرهن على صدق ذلك في الرواية الثانية، بأنه إن كان كما قال وإلا كفر القائل أي: بالمعنى السابق بيانه. وقوله: (أو قال: عدو الله) نص كما قاله بعض الشارحين في أن نسبة الرجل غيره إلى عداوة الله تعالى تكفير له، وكذا نسبة نفسه إلى ذلك, ويوافقه قوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ) الآية. البقرة/98, وسيأتي آخر الكتاب ما لو قال: إنه عدو للنبي صلى الله عليه وسلم, ومر أن معنى (حار): رجع، والاستثناء قيل: معنوي، أي: لا يدعوه أحد إلا حار عليه؛ لأن القصد الإثبات ولو لم يقدر النفي لم يثبت ذلك, ويحتمل عطفه على ليس من رجل فيكون جارياً على اللفظ.
وقد فسر الحليمي في المنهاج الحديث بما يوافق كلام المتولي فقال: إن أراد به أن الدين الذي يعتقده كفرٌ كفرَ هو دون أخيه إن كان أخوه مسلماً حقيقياً, وإن كان يُبطن الكفر ولا يظهره فذلك غير مراد بالحديث إذ لا يبوء واحد منهما بالكفر, وحينئذٍ يعذر القائل. انتهى. فتأمله تجده صريحا فيما مر عن المتولي وأن التعزير إنما يجب عند كون المقول له ذلك كافراً باطناً.
فإن قلت: كيف يكون كافراً باطناً ويبقى؟
قلت: يمكن بقاؤه لاستتابته إن قلنا: إن المرتد يمهل ثلاثة أيام، أو لإزالة شبهة أو تغلب أو غير ذلك.
فان قلت: قضيته أن من قال لمرتد: يا كافر يعزر.