هذه المقاصد الأربعة التي دلّ عليها هذا اللفظ القبيح الشنيع كفر بلا مرية، فمتى قصد أحدها فلا نزاع في كفره، وإن أطلق فالذي يتجه الكفر أيضاً لما علمت أن اللفظ ظاهر في الكفر، وعند ظهور اللفظ فيه لا يحتاج إلى نية كما علم من فروع كثيرة مرّت وتأتي، وإن أُوِّل بأنه لم يرد إلا أن هذا البيت لكونه أعجوبة في بلده يكون ذلك سبباً لمجيء الناس إلى رؤيته، كما أن عظمة تلك المساجد اقتضت شد الرحال إليها قُبِلَ منه ذلك، ومع ذلك فيعزر التعزير البليغ بالضرب والحبس وغيرهما بحسب ما يراه الحاكم، بل لو رأى إفضاء التعزير إلى القتل كما سيأتي عند أبي يوسف لأراح الناس من شره ومجازفته، فإنه بلغ فيهما الغاية القصوى تاب الله علينا وعليه آمين.
وما ذكره من كفر من قيل له: قل: لا إله إلا الله، فقال ما مرّ، إنما يتضح إن نوى بذلك الاستهزاء أو الاستخفاف نظير ما قاله بعد فيمن قيل له: قل: أستغفر الله.
قال: أو سخر بالشريعة أو بحكم من أحكامها، أو قال بعد فراغ صلاة: عملت سخرة أي: من التسخير في الأعمال الشاقة ظلماً أو لي زمان ما عملت سخرة، أو قال: أكون قوّاداً إن صليت وطوّلت الأمر على نفسي، أو قال: من يقدر أن يتم هذا الأمر، أو قال: العاقل لا يشرع في أمر لا يقدر أن يتمه، أو قال: الناس يعملون الصلاة لأجلي، أو قال: غسلت رأسي من الصلاة، أو قال: أعطيتها للزراعة حتى يزرعوها، أو قال: أؤخر حتى يجيء رمضان أصلي جميعها،