القلب وحمايته من الفساد، وأن لطيب الكسب أثرًا فيه [كما في ضده] (?).
الثامنة: فيه أيضًا كما قاله جماعة أن العقل في القلب لا في الرأس، وهو مذهبنا ومذهب جماهير المتكلمين.
وقال أبو حنيفة: إنه في الدماغ وقد يقال: في الرأس، وحكوا الأول عن الفلاسفة والثاني عن الأطباء.
واحتج القائلون. بأنه في القلب بقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} (?)، وبقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} (?)، وبهذا الحديث فإنه عليه الصلاة والسلام جعل صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد، فيكون صلاحه وفساده تابعًا للقلب. فعلم أنه ليس محلًا للعقل.
واحتج القائلون: بأنه في الدماغ، بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل، ويكون من فساد الدماغ الصرع في زعمهم، ولا حجة لهم في ذلك, لأن الله تعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ، مع أن العقل ليس فيه، ولا امتناع عن ذلك. قال المازري (?): لا سيما على أصولهم في الاشتراك الذي يذكرونه بين الدماغ والقلب، وهم يجعلون بين رأس المعدة والدماغ اشتراكًا.