وما نقله الشيخ تقي الدين عن بعض العلماء أراد به الشافعي -رضي الله عنه- فإن سفيان بن عيينة. قال للشافعي: ما فقه هذا الحديث؟ فقال: إن كان القوم اتهموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا بتهمتهم إياه كفاراً، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدب من بعده من أمته فقال: إذا كنتم هكذا، فافعلوا هكذا لئلا يظن بكم ظن السوء. فقال سفيان بن عيينة: جزاك الله خيراً ما يجيئنا منك إلاَّ ما نحب. هذا كلامه (?).
قال الشيخ تقي الدين: وهذ متأكد في حق العلماء. ومن يُقْتَدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب ظن السوء بهم، وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، وقد قال العلماء: ينبغي للحاكم أن يبين وجه الحكم للمحكوم عليه إذا خفي، وذلك من باب نفي التهمة بالنسبة إلى الجور في الحكم.
قلت: أو من باب وجوب البيان وإزالة اللبس.
ثامنها: فيه أيضاً دلالة على هجوم خواطر الشيطان على النفس، وما كان من ذلك غير مقدور على دفعه، لا يؤاخذ به لقوله -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (?)، وقوله -عليه الصلاة والسلام- في الوسوسة التي يتعاظم الإِنسان أن يتكلم بها: