قال النووي: ويجوز أن يراد به ظاهره، وهو البراءة من فاعل هذه الأمور، ولا يقدر فيه حذف، وأصل البراءة الانفصال.
رابعها: هذا القول منه - صلى الله عليه وسلم - دليل على تحريم هذه الأفعال لإِشعارها بالسخط لقضاء الله -تعالى- وقدره. وذلك كبيرة من كبائر الذنوب، حيث اقتضى فعل هذه الأشياء التبرىء من فاعلها ولعنه وخروجه من طريقة المصطفي - صلى الله عليه وسلم - وإن اعتقد معتقد حل فعلها كان كافراً.
خامسها: "الصالقة" (?) فسرها "المصنف" لكن تقييده برفع الصوت بالمصيبة صحيح في أنه المراد بهذا الحديث لا مطلقاً، فإن الصلق شدة رفع الصوت. قال لبيد (?):
فصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً ... وُصَدآء أَلْحَقَتْهم بالثَّلَلْ
أي رفعنا أصواتنا بالدعاء إلى قتال بني مراد.
وأصلق: لغة في صلق.
ويقال: التسليق بالسين أيضاً وهو الأصل، ويقرب منه قوله -تعالى-: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} (?) والصاد تبدل من السين.
وحكى القاضي عياض: عن ابن الأعرابي: أن الصلق ضرب الوجه وهو غريب، والمشهور المعروف ما أسلفناه.