بعض من يدعي العلم، أو بعض المفتين، أو بعض من يُنسب إلى الصلاح أو يدعي الزهد، أو بعض من مَرَّ بنا اليوم، أو بعض من رأيناه، أو نحو ذلك، إذا كان المخاطبُ يفهمه بعينه لحصول التفهيم.
ومن ذلك: غيبة المتفقهين والمتعبدين، فإنهم يعرِّضُون بالغيبة تعريضًا يفهم به كما يفهم بالصريح، فيقال لأحدهم: " كيف حال فلان؟ "، فيقول: " الله يصلحنا، الله يغفر لنا، الله يصلحه، نسأل الله العافية، نحمد الله الذي لم يبتلنا بالدخول على الظلمة، نعوذ باللهِ من الشر، الله يعافينا من قلة الحياء، الله يتوب علينا "، وما أشبه ذلك مما يفهم منه تنقصه، فكل ذلك غيبة محرمة، وكذلك إذا قال: " فلان يُبتلى بما ابتُلينا به كلنا "، أو: " ما له حيلة في هذا، كلنا نفعله "، وهذه أمثلة، وإلا فضابط الغيبة: تفهيمُك الخاطبَ نقصَ إنسانٍ كما سبق) اهـ (?).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون؛ لكن يرى أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس، واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه، فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم، فيخوض معهم.
ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى، تارة في قالَب ديانة وصلاح، فيقول: " ليس لي عادة أن أذكر أحدًا إلا بخير، ولا أحب الغيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحواله "، ويقول: " والله إنه مسكين "، أو: " رجل جيّد،