كان طلاب العلم في الصدر الأول يعتمدون " التلقي المباشر " من أفواه المشايخ عبر الملازمة الطويلة لهم، منهجًا ثابتًا لهم لا يحيدون عنه في طلب العلم، مع النهم، والمسابقة، والبكور، ومزاحمة العلماء بالركب، سئل الإمام مالك رحمه الله: " أيؤخذ العلم عمن ليس له طلب ولا مجالسة؟ "، فقال: " لا "، فقيل: " أيؤخذ ممن هو صحيح ثقة غير أنه لا يحفظ، ولا يفهم ما يحدث؟ "، فقال: " لا يكتب العلم إلا ممن يحفظ، ويكون قد طلب، وجالس الناس، وعرف وعمل، ويكون معه ورع " (?)، وقد اشتهر في بيان ما يشترط في طلب العلم بيتان لإمام الحرمين رحمه الله، قال:
أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاءٍ، وحرصٍ، وافتقارٍ، وغربةٍ ... وتلقينِ أستاذ، وطولِ زمان (?)
وقد قيل: " حيثما كنت؛ فكن قرب فقيه " (?).
وذكر محمد بن الحسن الشيباني عن أبي حنيفة قال: " الحكايات عن العلماء، ومجالستهم أحب الي من كثير من الفقه، لأنها آداب القوم وأخلاقهم "، قال محمد: ومثل ذلك: ما رُوي عن إبراهيم النخعي -قال: " كنا