بِحَواشٍ قَدْ حَشاها ... كُلُّ طِيبٍ إِذْْ حَشاها
وَبِأَوْساطٍ على حذْ ... وِ الزَنابِيرِ حَذاها
فاخِرِي يا حَلَبُ المُزْ ... نَ تَزِدْ جاهَكَ جاها
إِنَها إِنْ تَكُنْ المُدْ ... نُ رِخاخاً كُنْتِ شاها
وقال أيضاً:
سَقَى حَلبَ الُمْزنُ مَغْنَى حَلَبْ ... فَكَمْ وَصَلتْ طَرَباً بِالطَرَبْ
وَكَمْ مُسْتَطابٍ مِنْ العَيْشِ لَذَّ ... بِها لي إِذا العَيْشِ لِمْ يُسْتَطَبْ
إِذا نَشَرَ الزَهْرُ أَعْلامَهُ ... بِها وَمَطارِفُهُ وَالعَذَبْ
غَدا وَحَواشِيهِ مِنْ فِضَّةٍ ... تِرُوقُ وَأَوْساطُهُ مِنْ ذِهَبْ
زَبَرْجَدُهُ بَيْنَ فِيرُوزَجٍ ... عَجِيبٍ وَبَيْنَ عَقيقٍ عَجَبْ
يُلاعِبُهُ الرِيحُ صَدْرَ الضُحَى ... فَيَجْلِي إِلَيْنا جَلاءَ اللُعَبْ
وقال أيضاً:
سَقَى حلباً ساقِي الغَمامِ وَلا وَنَى ... يَرُوحُ عَلَى أَكْنافِها وَيُبَكْرُ
هِيَ المَأَلَفُ المَأْلُوفُ وَالمَوْطِنُ الَّذِي ... تَخَيَّرْتُهُ مِنْ خَيْرِ ما أَتَخَيَّرُ
صَحِبْتُ لَدَيْها الدَهْرُ وَالدَهْرُ أَبْيَضٌ ... وَنادَمْتُ فِيها العَيْشَ وَالعَيْشُ أَخْضَرُ
لَنا في بُعاذيِنٍ مَصِيفٌ وَمَرْبَعٌ ... وَفِي جَوِ باَصفْرا مَبْدَى وَمَحْضرُ
رِباعُ بَنِي الهَمَّاتِ حَيْثُ تَشاءَمُوا ... لِيُعْرَفَ مَعْرُوفٌ وَيُنْكَرَ مُنْكَرُ
تُرَى تُرَبٌ شَتَّى فَتُرَبٌ مُصَنْدَلٌ ... يُنَافِسُهُ في الحُسْنِ تُرَبٌ مُزَعْفَرُ
وَرَوْضَا تَلاقى بَيْنَ أَثْناءِ نَبْتِهِ ... مُمَسَّكُ نَوْرٍ يُجْتَنَى وَمُعَنْبَرُ
وممّا قاله أبو الفتح محمود بن الحسن بن السندي المعروف بكُشاجِم يصف حلب:
أَرَتْكَ يَدُ الغَيْثِ آثارَها ... وَأَعْلَنَتِ الأَرْضُ أَسْرارَها
وَكانَتْ أَكَنَّتْ لِكانُونِها ... خَبِيّاً فَأَعْطَتْهُ آذارَها
فَما تَقَعُ العَيْنُ إِلاَّ عَلَى ... رِياضٍ تُصَنِّفُ نُوّارَها
يُفَتِّحُ فِيها نَسِيمُ الصَبا ... جَناها فَيَهْتِكُ أَسْتارَها
وَيَسْفَحُ فِيها دَماءَ الشَقِي ... قِ إِذا ظَلَّ يَفْتَضُّ أَبْكارَها
وَيُدْنِيْ إِلى بَعْضَها بَعْضَها ... كَضّمِ الأَحِبَّةِ زُوّارَها
تَغُضُّ لِنَرْجِسِها أَعْيْناً ... وَطَوْراً تُحَدِّقُ أَبْصارَها
إِذا مُزَنَةٌ سَكَبَتْ ماءَها ... عَلَى بُقْعَةٍ أَشْعَلَتْ نارَها
وَما أَمْتَعَتْ جارَها بَلْدَةٌ ... كَما أَمْتَعَتْ حَلَبٌ جارَها
هِيَ الخُلْدُ تَجْمَعُ ما تَشْتَهِي ... فَزُرْها فَطُوبَى لِمَنْ زارَها
وَلِلَّهْوِ فِيها شُهُورُ الرَبِي ... عِ حِينَ تُعَطِّرُ أَزْهارَها
إذا ما اسْتَمَدَّ قُوَيْقُ السَما ... ءَ بِها فَأَمَدَّتْهُ أَمْطارُها
وَأَقْبَلَ يَنْظِمُ أَنْجادَها ... بِفَيْضِ المِياهِ وَأَغْوارَها
وَدار بِأَكْنافِهِا دَوْرَةً ... فَنَسَّى الأَوَائِلَ بِرْكارَها
كأَنَّ هُلُوكاً حَبَتْهُ السِوا ... رُ أَوْ سَلَبَ الكَفُّ أُسْوارَها
ومما قاله أبو العلاء أحمد بن سليمان المعرّيّ في مدحها:
ياشاكِي النُوبِ إنْهَضْ طالِباً حَلَباً ... نُهُوضَ مُضْنىً لِجِسْم الداءِ مُلْتَمِسِ
وَاخْلَعْ حِذاءَكَ إنْ حاذَيْتَها وَرَعاً ... كَفِعْلِ مُوسى كَلِيمِ اللهِ فِي القُدُسِ
وقال أيضاً:
حَلَبٌ لِلوارِدِ جَنَّةُ عَدْنٍ ... وَهْيَ لِلغادِرِينَ نارُ سَعِيرُ
وَالعَظِيمُ العَظِيمُ يَكْبُرُ في عَيْ ... نَيْهِ مِنْها قَدْرُ الصَغِيرِ الصَغِيرِ
فَقُويْقُ في أُنْفُسِ القَوْمِ بَحْرُ ... وَحَصَاةٌ مِنْه نَظِيرُ ثَبِيرِ
ومما قاله أبو محمد عبد الله بن محمد بن سنان الخفاجيّ الحلبيّ متشوّقاً لحلب وهو بديار بكر:
خَلِيليَّ مِنْ عَوْفِ بنِ عُذْرَةَ إِنَّني ... بِكُلِّ غَرامٍ فِيكُما لَجَدِيرُ
كَفى حَزَناً أَنِّي أَبِيتُ وَبَينَنَا ... وَسِيعُ الفَلا وَالسامِرُونَ كَثِيرُ