سيف الدين المعلم وأخواه: نجم الدين دفتر خوان وتقي الدين الأطروش والشمس بن الخطيلي، وفخر الدين محمد بن الفقاعي - الوزير -. وغيرهم. وطلبوا منهم مالا، فلم يعطوهم شيئا، وقالوا: نحن قادرون على المال، ولكنا نرى المسلمين أحقَّ منكم فقتلوهم، خلا تقيَّ الدين الأطروش فإنهم أبقوا عليه، وأبادوا من بقي في البلد من أهله، حتى لم يبقَ منهم إلا سبعة أنفسٍ وهم: 1 - شمس الدين قراسُنقُر.
2 - وعلاء الدين اللاوي.
3 - والحاج محمد الحصني.
4 - والحاج محمد القاصد.
5 - وتقي الدين الأطروش.
6 - والنجم ابن الجبل جودي.
7 - وشمس الدين سنقر العلكاني.
ثم أخربوا البلد، ونقضوا أسواره، وهدموا الفصيل، ورحلوا عنها، ولحقوا بهولاكو.
فأعطي البلد لعبد الله اللاوي - أمير آخور هولاكو - وهو بها من قِبلِهم إلى حين وضعنا هذا الكتاب، وهو سنة تسع وسبعين وستمائة.
فسبحان مَنْ ليس لملكه انتهاء، ولا لسلطانه وعِزِّه انقضاء.
عدنا إلى أخبار آمد ومن وليها بعد افتراقها عن ميافارقين وما تجدد فيها
لم تزل أمد في يد تاج الدول تُتُش إلى أن قُتل في صفر سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. فاستولى الأمير صادرُ على آمد، وبقيت في يده إلى أن توفي سنة........ فملكها الأمير ينال - أخوه - ثم توفي.
وملكها فخر الدولة إبراهيم، فبقيت في يده إلى أن توفي.
فملكها ولده سعد الدولة إيللدي إلى سنة ست وثلاثين وخمس مائة ومات.
وولي بعده ولده جمال الدين محمود ولم يزل بها إلى سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة. فخطب من حسام الدين تمرتاش بن أُرتق ابنته ضيفة خاتون فوصل إليه عز الدولة بن مؤيد الدين بن نيسان وعقد له عليها فحملت إليه إلى آمد، ثم توفيت بعد ذك.
ثم إن حسام الدين تمرتاش قصد آمد وحاصر جمال الدين محمود وضايقه، فأدى الحال إلى أن خرج مؤيد الدين بن نيسان وأولاد جمال الدين معه إلى خدمته، وقدموا له تقدمةً أصلحوا الحال معه فرحل عنهم.
وفي سنة إحدى وخمسين وخمس مائة توفي مؤيد الدين أبو علي بن نيسان بآمد في غُرة شعبان منها.
وولي جمال الدولة، أبو القاسم مكانه.
وتوفي جمال الدين محمود ولم أتحقق وفاته.
وولي ولده الصغير، وولي أمره وأتابكيّة عسكره الأمير بهاء الدين إبراهيم بن نيسان، ولم يزل بها إلى أن قصده السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة سبع وسبعين وخمس مائة.
" كان السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب قد نزل بحرزم - تحت ماردين - فلم يطمع بها، فسار إلى آمد، وكان نور الدين محمد ابن قرا أرسلان يطالبه بقصدها كل وقت، فسار إليها ووصلها في سابع عشر ذي الحجة من سنة ثمان وسبعين وخمس مائة، ونازلها، وأقام بحصرها، فكان المتولي لأمرها، والحاكم فيها بهاء الدين إبراهيم بن نيسان، ولم يكن لصاحبها أمرٌ مع ابن نيسان. فلما نازلها صلاح الدين أساء ابن نيسان سيرته مع أهلها، ولم يُعطِ الناس شيئا من الذخائر، ولا فرَّق فيهم دينارا واحدا ولا قوتا، وقال لأهل البلد: قاتلوا عن أنفسكم، فقال له بعض أصحابه: ليس العدو كافرا حتى يقاتلوا عن أنفسهم. فلم يفعل شيئا.
وقاتلهم الملك الناصر صلاح الدين ونصب المجانيق، وزحف عليها وهي الغايةُ في الحصانة، وبها وبسورها يُضرب المثل، وابن نيسان مستمر على حاله بالشُّحِّ بالمال، وتصرفه تصرف من قد ولّت سعادته، وأدبرت دولته. فلما رأى الناس منه ذلك تهاونوا بالقتال وجنحوا إلى السلامة.
وكانت أيام بني نيسان قد طالت وثقلت على أهل البلد، لسوء صنيعهم، وتضييقهم في مكاسبهم فالناس كارهون لها، مُحبون لانقراضها.