إليه نفسه وارتعد وارتعدت فرائصه وغشي عليه، قال: ما ذلك يا أبا مرة، قال: أنت رجل أكول وكنت أحياناً تكثر الطعام فتشبع منه ويعتريك الوهن والنوم والثقل والكسل والنعاس فكنت تنام عن حزبك أحياناً من الأوقات التي كنت تقوم فيها بالليل فكان هذا يعجبني منك، وقال بهذا كنت تجد علي فرصة قال نعم، قال: أما أشد لفرحك وما أشد لحزنك، قال: ذكرتك فلم تحفظ ولكن أحمل إليك جميع ما يكره الله فهو مختاري وجميع ما يحب الله منبوذي فإذا رفع الإنسان منبوذي لم أتمالك حتى احتال بكل حيلة وحتى أنبذه فأزين له مختالي حتى يرفعه لأن حياتي في الستعماله ومختاري ومماتي وهلاكي وذلي وضعفي في استعماله مرفوضي وممبوذي وهو الحلال الطيب من الأشياء والأحزان ومختاري الحرام والخبيث من الأشياء والأفراح بما قد حضر الله عليه، قال إبليس حسبك يا يحيى فرحاً بما أظهر ليحيى كأنه قد وجد عليه فرصة، فقال يحيى عليه السلام لم تجد علي فرصة في عمري إلا الذي ذكرت لي، قال اللهم لا إلاّ ذاكراً، قال يحيى عليه السلام عاهدت الله نذراً واجباً علي أن أخرج من الدنيا ولا أشبع من الطعام قال فغضب إبليس وحزن على ما أخبره فاحترز يحيى صلوات الله عليه واعتصم وقال خدعتني يا ابن آدم، وأنا أعاهد الله ربي نذراً واجباً علي إلاَّ أنصح آدمياً أبداً ولقد غلبتني يا ابن آدم وكسرت ظهري بما خدعتني حتى سلبت آلتي فخرج من عنده غضبان متذمراً، فهذه صفة إبليس وبدو أمره وقصته ومصائده وتفسير هواه وحياته.