فإنه خمسة أحرف كل حرف منها يدل على فعله الذي هو فيه ويبدو منه وهو الألف والباء واللام والياء والسين، فأما الألف فإنه ألف الإباء والاستكبار إذ كان إباءه من الاستكبار، كما قال: (أبى واستكبر وكان من الكافرين) فإباؤه من الاستكبار واستكباره من الكفر. وأما الباء فإنه بالبراءة حيث برأ من ربه بتركه السجود، وأما اللام فأنه لام لم، وأما الياء فإنه ياء لم يكن، يقول لم يكن، وأما السين فإنه سين السجود فإذا جمعت الحروف كلها أدى المعنى على أنه أبيَّ على ربه واستكبر ولم يكن من الساجدين لآدم عليه السلام مع الملائكة، قال الله تعالى: (إلا إبليس لم يكن من الساجدين) ، قيل له فاسم إبراهيم عليه السلام أخرج أيضا مبتدؤه الألف ثم الباء.

اشرح لنا منه شيئاً قال: أما تفسير اسم إبراهيم فإن كل حرف منه اسمه دليل على فعله الذي كان من مندمجاً فيه منكمناً كالنار في الحديدة وعلى ما أخرج منه يوم الابتلاء والاختبار، فأما الألف فإنه ألف الإسلام، حيث قال الله له: (اسلم) ، قال: (أسلمت لرب العالمين) . وشهد الله له ذلك ولابنه إسحاق.

فقال (فلما أسلما وتله للجبين) ، ويحتمل أن يكون ألف الإخلاص أنه كان مخلصاً ويحتمل أن يكون الألف ألف الإيمان إذ شهد بذلك فقال: (إنه من عبادنا المؤمنين) ، ويحتمل أن يكون على ما ذكرنا بدياً من أن الألف اسم الله والباء علامة جوابهم بلى وكل حسن، وأما الباء على التفسير الذي ذكرنا إن الألف ألف الإسلام فإنه باء البراءة حيث قال: (إني بريء منكم ومما تعبدون من دون الله) ، ثم قال: (أنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله) ، وأما الراء فإنه راء الرؤيا حيث قال: (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) ، وأما الهاء فإنه هاء الهم، وأما الباء فإنه باء التصديق فإذا جمعت من الحروف صار كلاماً وأدى المعنى المبتغى منه في القول أنه أسلم لربه فيما رأى في الرؤيا وهم أن يصدق رؤياه بذبحه ابنه فاكتفى الله بهمه وعفا عنه ورضي عنه وفداه بكبش، وأما الميم الذي يعقبه فإنه ميم مه حيث هم بذبحه قال الله جل وعز "مه" فسماه الله بذلك الاسم ولم يظهر بعد منه هذه الأفعال لعلمه به وما يبدو منه بعد ذلك.

قيل له فاسم فرعون: أحببنا أن تشرح لنا منه شيئاً ليكون لنا فائدة؛ قال: أما تفسير اسم فرعون فإنه له اسمين: أحدهما الوليد، والآخر فرعون، وكان يدل على فعله وسوء سيرته الذي منه بدا.

فأما الوليد فإنه أربعة أحرف: واو، ولام، وياء، ودال، فالواو واو الويل، واللام لام اللعنة، والياء ياء اليوم، والدال دال الدين فإذا جمعت بينهما أبدى المعنى على أن عليه الويل واللعن يوم الدين، فهذا اسم قد سماه الله به وحشوه ما يصل إليه في الآخرة مندمج منكمن فيه في الويل واللعن.

وأما الاسم الآخر فهو فرعون فهو خمسة أحرف: وهو الفاء والراء والعين والواو والنون؛ فالفاء فاء الفراق والتفريق والراء راء الركوب والركون، والعين عين العلو، والواو واو الويل، والنون نون النار، فإذا جمعت بين حروفه الخمسة أبدى عن المعنى على أنه حيث ملك فارق دينه، وفرق بين بني إسرائيل، وركن إلى الأرض وركب هواه وعلا كما قال الله: (إن فرعون علا في الأرض) ، وكما قال: (وإن فرعون لعال في الأرض) ، وكما قال بنفسه وادعى الربوبية: (أنا ربكم الأعلى) فهذا ما بدا منه في الدنيا، وأما الواو والنون فله الويل والنار يوم القيامة في خزي وهوان أبد الآبدين.

قيل له فتفسير لا إله إلاَّ الله وترجمته: إن وفق الله لك أن تذكر لنا منه شيئاً شكرنا الله لك بالسداد والرشد، قال فأما تفسير لا إله إلاَّ الله، فإنها في الحروف عشرة أحرف لا آن وهاءان وثلاثة ألفات وثلاثة لامات، فأما إله فثلاثة أحرف؛ والاسم منها في الألف وهو الاسم المنحول المستعار للأصنام مأخوذ من اسم ربنا الله اختلافاً واستراقاً، وأما الله فهو أربعة أحرف؛ والاسم منها في الألف، فالألفان اسمان: أحدهما محق بالتحقيق؛ وهو الله اسم لربنا عز وجل والآخر مستعار مسترق منحول مختلف والهاءان علما إلوهيته إلى المنسوب إليه بالألف وهو اسم في قوله: (إله) ، وقوله: (الله) وأحدهما التحقيق والآخر مستعار كما ذكرنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015