{إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} أي إن يكن المشهود عليه غنياً فلا تمتنع من الشهادة عليه لغناه، أو فقيراً فلا تمنعها ترحماً عليه وإشفاقاً. فعلى هذا الجواب محذوف، لأن العطف هو بأو، ولا يثني الضمير إذا عطف بها، بل يفرد. وتقدير الجواب: فليشهد عليه ولا يراعي الغنيّ لغناه، ولا لخوف منه، ولا الفقير لمسكنته وفقره، ويكون قوله: فالله أولى بهما ليس هو الجواب، بل لما جرى ذكر الغني والفقير. عاد الضمير على ما دل عليه ما قبله كأنه قيل: فالله أولى بجنسي الغني والفقير أي: بالأغنياء والفقراء. وفي قراءة أبيّ: فالله أول بهم ما يشهد بإرادة الجنس. وذهب الأخفش وقوم، إلى أنّ أو في معنى الواو، فعلى قولهم يكون الجواب: فالله أولى بهما، أي: حيث شرع الشهادة عليهما، وهو أنظر لهما منكم. ولولا أنّ الشهادة عليهما مصلحة لهما لما شرعها. وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور: وقد ذكر العطف بالواو وثم وحتى ما نصه تقول: زيد أو عمر، وقام زيد لا عمرو قام، وكذلك سائر ما بقي من حروف العطف يعني غير الواو وحتى والفاء وثم، والذي بقي بل ولكن وأم. قال: لا تقول قاما لأنّ القائم إنما هو أحدهما لا غير، ولا يجوز قاما إلا في أو خاصة، وذلك شذوذ لا يقاس عليه. قال الله تعالى: إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما، فأعاد الضمير على الغني والفقير لتفرقهما في الذكر انتهى. وهذا ليس بسديد. ولا شذوذ في الآية، ولا دليل فيها على جواز زيد أو عمرو قاما على جهة الشذوذ، ولا غيره. ولأن قوله: فالله أولى بهما ليس بجواب كما قررناه، والضمير ليس عائداً على الغني والفقير الملفوظ بهما في الآية، وإنما يعود على ما دل عليه المعنى من جنسي الغني والفقير. وقرأ عبد الله: إن يكن غني أو فقير على أنّ كان تامة.