ولو شرطية بمعنى: أنّ وقوله على أنفسكم متعلق بمحذوف، لأن التقدير: وإن كنتم شهداء على أنفسكم فكونوا شهداء لله، هذا تقرير الكلام. وحذف كان بعد لو كثير تقول: ائتني بتمرولو حشفاً، أي: وإن كان التمر حشفاً فائتني به. وقال ابن عطية: ولو على أنفسكم متعلق بشهداء. فإن عنى شهداء هذا الملفوظ به فلا يصح ذلك، وإن عنى الذي قدّرناه نحن فيصح. وقال الزمخشري: ولو على أنفسكم، ولو كانت الشهادة على أنفسكم أو آبائكم أو أقاربكم. (فإن قلت) : الشهادة على لوالدين والأقربين أن يقول: أشهدُ أنّ لفلان على والذي كذا وعلى أقاربي، فما معنى الشهادة على نفسه؟ (قلت) : هي الإقرار على نفسه لأنه في معنى الشهادة عليها بإلزام الحق لها، ويجوز أن يكون المعنى: وإن كانت الشهادة وبالاً على أنفسكم، أو على آبائكم وأقاربكم، وذلك أن يشهد على من توقع ضرره من سلطان ظالم أو غيره انتهى كلامه. وتقديره: ولو كانت الشهادة على أنفسكم، ليس بجيد، لأن المحذوف إنما يكون من جنس الملفوظ به قبل ليدل عليه. فإذا قلت: كن محسناً لمن أساء إليك، فتحذف كان واسمها والخبر، ويبقى متعلقه لدلالة ما قبله عليه ولا تقدره: ولو كان إحسانك لمن أساء. فلو قلت: ليكن منك إحسان ولو لمن أساء، فتقدر: ولو كان الإحسان لمن أساء لدلالة ما قبله عليه، ولو قدرته. ولو كنت محسناً لمن أساء إليك لم يكن جيداً، لأنك تحذف ما لا دلالة عليه بلفظ مطابق. وقول الزمخشري: ويجوز أن يكون المعنى وإن كانت الشهادة وبالاً على أنفسكم هذا لا يجوز، لأن ما تعلق به الظرف كون مقيد، ولا يجوز حذف الكون المقيد، لو قلت: كان زيد فيك وأنت تريد محباً فيك لم يجز، لأنّ محباً مقيداً، وإنما ذلك جائز في الكون المطلق، وهو: تقدير كائن أو مستقر.