{مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} واللام في قوله: ليذر هي المسماة لام الجحود، وهي عند الكوفيين زائدة لتأكيد النفي، وتعمل بنفسها النصب في المضارع. وخبر كان هو الفعل بعدها فتقول: ما كان زيد يقوم، وما كان زيد ليقوم، إذا أكدت النفي. ومذهب البصريين أنَّ خبر كان محذوف، وأن النصب بعد هذه اللام بأن مضمرة واجبة الإضمار، وأنَّ اللام مقوية لطلب ذلك المحذوف لما بعدها، وأنَّ التقدير: ما كان الله مريداً ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه، أي: ما كان مريداً لترك المؤمنين. وقد تكلمنا على هذه المسألة في كتابنا المسمى بالتكميل في شرح التسهيل.
{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآءَاتَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} وقرأ حمزة تحسين بالتاء، فتكون الذين أول مفعولين لتحسبن، وهو على حذف مضاف أي: بخل الذين. وقرأ باقي السبعة بالياء. فإنْ كان الفعل مسنداً إلى الضمير، فيكون المفعول الأول محذوفاً تقديره: بخلهم، وحذف لدلالة يبخلون عليه. وحذفه كما قلنا: عزيز جداً عند الجمهور، فلذلك الأولى تخريج هذه القراءة على قراءة التاء من كون الذين هو المفعول الأول على حذف مضاف، وهو فصل. وقرأ الأعمش بإسقاط هو، وخيراً هو المفعول بتحسبن. قال ابن عطية: ودل قوله: يبخلون على هذا البخل المقدر، كما دل السفيه على السفه في قول الشاعر:
إذا نهى السفيه جرى إليه
وخالف والسفيه إلى خلاف