{وَمَآ أَصَبَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} وما موصولة مبتدأ، والخبر قوله: فبإذن الله، وهو على إضمار أي: فهو بإذن الله. ودخول الفاء هنا. قال الحوفي: لما في الكلام من معنى الشرط لطلبته للفعل. وقال ابن عطية: ودخلت الفاء رابطة مسددة. وذلك للإبهام الذي في ما فأشبه الكلام الشرط، وهذا كما قال سيبويه: الذي قام فله درهمان، فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء انتهى كلامه. وهو أحسن من كلام الحوفي، لأن الحوفي زعم أن في الكلام معنى الشرط. وقال ابن عطية: فأشبه الكلام الشرط. ودخول الفاء على ما قاله الجمهور وقرروه قلق هنا، وذلك أنهم قرّروا في جواز دخول الفاء على خبر الموصول أنّ الصلة تكون مستقلة، فلا يجيزون الذي قام أمس فله درهم، لأن هذه الفاء إنما دخلت في خبر الموصول لشبهه بالشرط. فكما أن فعل الشرط لا يكون ماضياً من حيث المعنى، فكذلك الصلة.
{هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَنِ} وأقرب هنا افعل تفضيل، وهي من القرب المقابل للبعد. ويعدّي بإلى وباللام وبمن، فيقال: زيد أقرب لكذا، وإلى كذا، ومن كذا من عمرو. فمن الأولى ليست التي يتعدى بها افعل التفضيل مطلقاً في نحو: زيد أفضل من عمرو. وحرفا الجر هنا يتعلقان بأقرب، وهذا من خواص أفعل التفضيل إنه يتعلق به حرفا جر من جنس واحد، وليس أحدهما معطوفاً على الآخر. ولا بدلاً منه بخلاف سائر العوامل، فإنه لا يتعلق به حرفا جر من جنس واحد إلا بالعطف، أو على سبيل البدل. فتقول: زيد بالنحو أبصر منه بالفقه.