{أَوَ لَمَّا أَصَبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} الهمزة للاستفهام الذي معناه الإنكار. وقال ابن عطية: دخلت عليها ألف التقرير، على معنى إلزام المؤمنين هذه المقالة في هذه الحال. وقال الزمخشري: ولمّا نصب بقلتم وأصابتكم في محل الجرّ بإضافة لما إليه، وتقديره: أقلتم حين أصابتكم، وأنَّى هذا نصب لأنه مقول، والهمزة للتقرير والتقريع. (فإن قلت) : على م عطفت الواو هذه الجملة؟ (قلت) : على ما مضى من قصة أحد من قوله: {ولقد صدقكم الله وعده} ويجوز أن تكون معطوفة على محذوف، فكأنه قال: أفعلتم كذا وقلتم حينئذ كذا؟ انتهى.
أمّا العطف على ما مضى من قصة أحد من قوله: {لقد صدقكم الله وعده} . ففيه بعدٌ، وبعيد أن يقع مثله في القرآن. وأمّا العطف على محذوف فهو جار على ما تقرر في غير موضع من مذهبه، وقد رددناه عليه. وأما على مذهب الجمهور سيبويه وغيره قالوا: وأصلها التقديم، وعطفت الجملة الاستفهامية على ما قبلها. وأمّا قوله: ولما نصب إلى آخره وتقديره: وقلتم حينئذ كذا، فجعل لمّا بمعنى حين فهذا ليس مذهب سيبويه، وإنما هو مذهب أبي علي الفارسي. زعم أن لما ظرف زمان بمعنى حين، والجملة بعدها في موضع جر بها، فجعلها من الظروف التي تجب إضافتها إلى الجمل، وجعلها معمولة للفعل الواقع جواباً لها في نحو: لما جاء زيد عمرو، فلما في موضع نصب بجاء من قولك: جاء عمرو. وأمّا مذهب سيبويه فأما حرف لا ظرف، وهو حرف وجوب لوجوب، ومذهب سيبويه هو الصحيح. وقد بينا فساد مذهب أبي علي من وجوه في كتابنا المسمى: بالتكميل.