وتارةً يراعى حال ذلك الاسم، فيكون ذلك الصالح للوصف على حسبه من الغيبة. فتقول: أنا رجل يأمر بالمعروف، وأنت امرؤ تأمر بالمعروف. ومنه: كنتم خير أمة أخرجت ولو جاء أخرجتم فيراعى ضمير الخطاب في كنتم لكان عربياً فصيحاً. والأولى جعله أخرجت للناس صفة لأمة، لا لخير لتناسب الخطاب في كنتم خير أمة مع الخطاب في تأمرون وما بعده.
{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} وقال ابن عطية: تأمرون وما بعده أحوال في موضع نصب انتهى. وقاله الراغب: والاستئناف أمكن وأمدح. وأجاز الحوفي في أن يكون تأمرون خبراً بعد خبر، وأن كون نعتاً لخير أمة.
{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى} والظاهر أن قوله: إلا أذى استثناء متصل، وهو استثناء مفرغ من المصدر المحذوف التقدير: لن يضرُّوكم ضرراً إلا ضرراً لا نكاية فيه، ولا إجحاف لكم. وقال الفراء والزجاج والطبري وغيرهم: هو استثناء منقطع، والتقدير: لن يضروكم لكنْ أذى باللسان.
{ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} ثم لا ينصرون: هذا استئنافُ أخبار أنّهم لا ينصرون أبداً. ولم يشرك في الجزاء فيجزم، لأنه ليس مرتباً على الشرط، بل التولية مترتبة على المقاتلة. والنصر منفى عنهم أبداً سواء قاتلوا أم لم يقاتلوا، إذ منع النصر سببه الكفر. فهي جملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء، كما أن جملة الشرط والجزاء معطوفة على لن يضروكم إلا أذى. وليس امتناع الجزم لأجلهم كما زعم بعضهم زعم أن جواب الشرط يقع عقيب المشروط. قال:
وثم للتراخي، فلذلك لم تصلح في جواب الشرط. والمعطوف على الجواب كالجواب وما ذهب إليه هذا الذاهب خطأ، لأن ما زعم أنه لا يجوز قد جاء في أفصح كلام. قال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} فجزم المعطوف بثم على جواب الشرط.