والإظهار في نحو هذين المثلين لغة الحجاز، فأما من قرأ بتشديد الراء، مرفوعة أو مفتوحة أو مكسورة، فيحتمل أن يكون الفعل مبنياً للفاعل، ويحتمل أن يكون مبنياً للمفعول كما جاء في قراءة ابن عباس، وفي قراءة ابن مسعود؛ ويكون ارتفاع: والدة ومولود، على الفاعلية إن قدر الفعل مبنياً للفاعل، وعلى المفعولية إن قدر الفعل مبنياً للمفعول، فإذا قدرناه مبنياً للفاعل، فالمفعول محذوف تقديره: لا تضارر والدةُ زوجَها بأن تطالبه بما لا يقدر عليه من رزق وكسوة وغير ذلك من وجوه الضرر، ولا يضارر مولودٌ له زوجته بمنعها ما وجب لها من رزق وكسوة، وأخذ ولدها مع إيثارها إرضاعه، وغير ذلك من وجوه الضرر.
والباء في: بولدها، وفي: بولده، باء السبب.
ويعني بقوله: أن تكون الباء من صلته، يعني متعلقة بتضار، ويكون ضار بمعنى أضر، فاعل بمعنى أفعل، نحو: باعدته وأبعدته، وضاعفته وأضعفته، وكون فاعل بمعنى أفعل هو من المعاني التي وضع لها فاعل، تقول: أضرّ بفلان الجوع، فالجار والمجرور هو المفعول به من حيث المعنى، فلا يكون المفعول محذوفاً، بخلاف التوجيه الأول، وهو أن تكون الباء للسبب، فيكون المفعول محذوفاً كما قدرناه.
والظاهر أن الباء للسبب، ويبين ذلك قراءة من قرأ لا تضارَرْ، براءين، الأولى مفتوحة، وهي قراءة عمر بن الخطاب.
وتأويل من تأول في الإدغام أن الفعل مبني للمفعول، فإذا كان الفعل مبنياً للمفعول تعين كون الباء للسبب، وامتنع توجيه الزمخشري أن: ضارٌ به في معنى: أضرَّ به، والتوجيه الآخر أن: ضارٌ به بمعنى: ضره، وتكون الباء زائدة، ولا تنقاس زيادتها في المفعول، مع أن في التوجيهين إخراج فاعل عن المعنى الكثير فيه، وهو كون الاسمين شريكين في الفاعلية والمفعولية من حيث المعنى، وإن كان كل واحد منهما مرفوعاً والآخر منصوباً.