{لاَ تُضَآرَّ وَلِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب، وأبان، عن عاصم: لا تضارّ، بالرفع أي: برفع الراء المشددة، وهذه القراءة مناسبة لما قبلها من قوله: {لا تُكلف نفس إلاَّ وسعها} لاشتراك الجملتين في الرفع، وإن اختلف معناهما، لأن الأولى خبرية لفظاً ومعنى، وهذه خبرية لفظاً نهيية في المعنى. وقرأ باقي السبعة: لا تضار، بفتح الراء، جعلوه نهياً، فسكنت الراء الأخيرة للجزم، وسكنت الراء الأولى للإدغام، فالتقى ساكنان فحرك الأخير منهما بالفتح لموافقة الألف التي قبل الراء، لتجانس الألف والفتحة، ألا تراهم حين رخموا: أسحارّاً، وهم اسم نبات، إذا سمي به حذفوا الراء الأخيرة، وفتحوا الراء الساكنة التي كانت مدغمة في الراء المحذوفة، لأجل الألف قبلها، ولم يكسروها على أصل التقاء الساكنين، فراعوا الألف وفتحوا، وعدلوا عن الكسر وإن كان الأصل؟ وقرأ: لا يضارِّ بكسر الراء المشددة على النهي. وقرأ أبو جعفر الصفار: لا تضار، بالسكون مع التشديد، أجرى الوصل مجرى الوقف، وروي عنه: لا تضار، بإسكان الراء وتخفيفها، وهي قراءة الأعرج من ضار يضير، وهو مرفوع أجري الوصل فيه مجرى الوقف. وقال الزمخشري: اختلس الضمة فظنه الراوي سكوناً. انتهى. وهذا على عادته في تغليط القراء وتوهيمهم، ولا نذهب إلى ذلك.
ووجَّه هذه القراءة بعضهم بأن قال: حذف الراء الثانية فراراً من التشديد في الحرف المكرر، وهو الراء، وجاز أن يجمع بين الساكنين: إما لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف، ولأنَ مدة الألف تجري مجرى الحركة. انتهى.
وروي عن ابن عباس: لا تضارر، بفك الإدغام وكسر الراء الأولى وسكون الثانية. وقرأ ابن مسعود: لا تضارر، بفك الإدغام أيضاً وفتح الراء الأولى وسكون الثانية، قيل: ورواها أبان عن عاصم.