{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا} وقراءة الجمهور: زين، على بناء الفعل للمفعول، ولا يحتاج إلى إثبات علامة تأنيث للفصل، ولكون المؤنث غير حقيقي التأنيث، وقرأ ابن أبي عبلة: زينت، بالتاء وتوجيهها ظاهر، لأن المسند إليه الفعل مؤنث، وحذف الفاعل لفهم المعنى، وهو: الله تعالى، يؤيد ذلك قراءة مجاهد، وحميد بن قيس، وأبي حيوة: زين، على البناء للفاعل، وفاعله ضمير يعود على الله تعالى، إذ قبله: {فإن الله شديد العقاب} .

{وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَءَامَنُواْ} وهذه الجملة الفعلية معطوفة على الجملة الفعلية من قوله: زين، ولا يلحظ فيها عطف الفعل على الفعل، لأنه كان يلزم اتحاد الزمان، وإن لم يلزم اتحاد الصيغة، وصدرت الأولى بالفعل الماضي لأنه أمر مفروغ منه، وهو تركيب طباعهم على محبة الدنيا، فليس أمراً متجدّداً، وصدرت الثانية بالمضارع، لأنها حالة تتجدّد كل وقت وقيل: هو على الاستئناف أي: الفعل المضارع، ومعنى الاستئناف أن يكون على إضمار هم التقدير: وهم يسخرون، فيكون خبر مبتدأ محذوف، ويصير من عطف الجملة الإسمية على الجملة الفعلية.

{وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ} فوق: ظرف مكان، فقيل: هو على حاله من الظرفية المكانية حقيقة.

وانتصاب: يوم القيامة، على الظرف، والعامل فيه هو العامل في الظرف الواقع خبراً، أي: كائنون هم يوم القيامة، ولما فهموا من فوق أنها تقتضي التفضيل بين من يخبر بها عنه، وبين من تضاف هي إليه، كقولك: زيد فوق عمرو في المنزل، حتى كأنه قيل: زيد أعلى من عمرو في المنزلة، احتاجوا إلى تأويل عال وأعلى منه، قال ابن عطية: وهذا كله من التحميلات، حفظ لمذهب سيبويه، والخليل، في أن التفضيل إنما يجيء فيما فيه شركة، والكوفيون يجيزونه حيث لا اشتراك. إنتهى كلامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015