وتعليله جواز أن يكون: كافة، حالاً من السلم بقوله: لأنها تؤنث كما تؤنث الحرب، ليس بشيء، لأن التاء في: كافة، وإن كان أصلها للتأنيث، ليست فيها إذا كانت حالاً للتأنيث، بل صار هذا نقلاً محضاً إلى معنى: جميع وكل، كما صار: قاطبة، وعامة، إذا كان حالاً نقلاً محضاً إلى معنى: كل وجميع. فإذا قلت: قام الناس كافة، أو قاطبة، أو عامة، فلا يدل شيء من هذه الألفاظ على التأنيث، كما لا يدل عليه: كل، ولا جميع.
وقوله: فيكون الحال من شيئين، يعني: من الفاعل في ادخلوا، ومن السلم، وهذا الذي ذكره محتمل، ولكن الأظهر أنه حال من ضمير الفاعل، وذلك جائز، يعني: مجيء الحال الواحدة من شيئين، وفي ذلك تفصيل ذكر في النحو.
وقوله: نحو قوله: {فأتت به قومها تحمله} (مريم: 27) يعني أن تحمله حال من الفاعل المستكن في أتت، ومن الضمير المجرور بالباء، هذا المثال ليس بمطابق للحال من شيئين، لأن لفظ: تحمله، لا يحتمل شيئين، ولا يقع الحال من شيئين إلا إذا كان اللفظ يحتملهما، واعتبار ذلك بجعل ذوي الحال مبتدأين، والإخبار بتلك الحال عنهما، فمتى صح ذلك صحت الحال، ومتى امتنع امتنعت. مثال ذلك قوله:
وعلقت سلمى وهي ذات موصد
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم} فصغيرين: حال من الضمير في علقت، ومن سلمى، لأنه يصلح أن يقول أنا وسلمى صغيران نرعى البهم، ومثله:
خرجت بها نمشي تجرّ وراءنا
فنمشي حال من التاء في: خرجت، ومن الضمير المجرور في بها، ويصلح أن تقول: أنا وهي نمشي، وهنا لا يصلح أن تكون تحمله خبراً عنهما، لو قلت: هي وهو تحمله لم يصح أن يكون تحمله خبراً، نحو قوله: هند وزيد تكرمه، لأن تحمله وتكرمه لا يصح أنّ يقدر إلاّ بمفرد، فيمتنع أن يكون حالاً من ذوي حال، ولذلك أعرب المعربون في:
خرجت بها نمشي تجر وراءنا