وإذا جعلنا المحذوف من قبيل المفرد. كان فيما قبله ما يدل على حذفه، وتكون جملة واحدة كحاله إذا تقدّم، وأنت لا ترى فرقاً بين قولك: زيد نعم الرجل، ونعم الرجل زيد، كما لا تجد فرقاً بين: زيد قام أبوه، وبين: قام أبوه زيد، وحسن حذف المخصوص بالذمّ هنا كون المهاد وقع فاصلة، وكثيراً ما حذف في القرآن لهذا المعنى نحو قوله: {فنعم المولى ونعم النصير} (الحج: 78) ولبئس مثوى المتكبرين} (النحل: 29) .

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} وانتصاب: ابتغاء، على أنه مفعول من أجله، أي الحامل لهم على بيع أنفسهم، إنما هو طلب رضى الله تعالى، وهو مستوفٍ لشروط المفعول من أجله من كونه مصدراً متحد الفاعل والوقت، وهذه الإضافة، أعني: إضافة المفعول من أجله، هي محضة، خلافاً للجرمي، والرياشي، والمبرّد، وبعض المتأخرين، فانهم يزعمون أنها إضافة غير محضة، وهذا مذكور في كتب النحو.

{يَأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً} ولذلك جاء بقوله {كافة} وانتصاب {كافة} على الحال من الفاعل في: ادخلوا، والمعنى ادخلوا في السلم جميعاً، وهي حال تؤكد معنى العموم، فتفيد معنى: كل، فإذا قلت: قام الناس كافة، فالمعنى قاموا كلهم، وأجاز الزمخشري وغيره أن يكون حالاً من السلم، أي في شرائع الإسلام كلها، أمروا بأن لا يدخلوا في طاعة دون طاعة. قال الزمخشري: ويجوز أن تكون: كافة، حالاً من السلم، لأنها تؤنث كما تؤنث الحرب، قال الشاعر:

السلم يكون تأخذ منها ما رضيت به

والحرب تكفيك من أنفاسها جُرع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015