بيثرب أدنى دارها نظر عالي بالفتح.

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَتٌ} والحج أشهر، مبتدأ وخبر ولا بد من حذف، إذ الأشهر ليست الحج، وذلك الحذف إما في المبتدأ، فالتقدير: أشهر الحج، أو وقت الحج، أو: في الخبر، أي: الحج حج أشهر، أو يكون: الأصل في أشهر، فاتسع فيه، وأخبر بالظرف عن الحج لما كان يقع فيه، وجعل إياه على سبيل التوسع والمجاز، وعلى هذا التقدير كان يجوز النصب، ولا يمتنع في العربية.

قال ابن عطية: ومن قدر الكلام: في أشهر، فيلزمه مع سقوط حرف الجر نصب الأشهر، ولم يقرأ بنصبها أحد. انتهى كلامه. ولا يلزم نصب الأشهر مع سقوط حرف الجر، كما ذكر ابن عطية: لأنا قد ذكرنا أنه يرفع على الاتساع، وهذا لا خلاف فيه عند البصريين، أعني أنه إذا كان ظرف الزمان نكرة خبراً عن المصادر، فإنه يجوز عندهم الرفع والنصب، وسواء كان الحدث مستغرقاً للزمان أو غير مستغرق، وأما الكوفيون فعندهم في ذلك تفصيل، وهو: أن الحدث إما أن يكون مستغرقاً للزمان، فيرفع، ولا يجوز فيه النصب، أو غير مستغرق فمذهب هشام أنه يجب في الرفع، فيقول: ميعادك يوم، وثلاثة أيام، وذهب الفراء إلى جواز النصب والرفع كالبصريين، ونقل عن الفراء في هذا الموضع أنه لا يجوز نصب الأشهر، لأن: أشهراً، نكرة غير محصورة.

وهذا النقل مخالف لما نقلنا نحن عنه، فيمكن أن يكون له القولان، قول البصريين، وقول هشام، وجمع شهر على أفعل لأنه جمع قلة بخلاف قوله {إن عدة الشهور} (التوبة: 36) فإنه جاء على: فعول، وهو جمع الكثرة.

{فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} و: مَنْ، شرطية أو موصولة، و: فيهن، متعلق بفرض، والضمير عائد على: أشهر، ولم يقل: فيها، لأن أشهراً جمع قلة، وهو جار على الكثير المستعمل من أن جمع القلة لما لا يعقل يجري مجرى الجمع مطلقاً للعاقلات على الكثير المستعمل أيضاً، وقال قوم: هما سواء في الاستعمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015