وقال الضحاك: على رده من الكبر إلى الشباب. وقال عكرمة ومجاهد: الضمير عائد على الماء، أي على رد الماء في الإحليل أو في الصلب. وعلى هذا القول وقول الضحاك يكون العامل في يوم تبلى {وَالتَّرَآئِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} مضمر تقديره اذكر. وعلى قول ابن عباس، وهو الأظهر، فقال بعض النحاة: العامل ناصر من قوله: {ولا ناصر} ، وهذا فاسد لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، وكذلك ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها على المشهور المنصور. وقال آخرون، ومنهم الزمخشري: العامل رجعه ورد بأن فيه فصلاً بين الموصول ومتعلقه، وهو من تمام الصلة، ولا يجوز. وقال الحذاق من النحاة: العامل فيه مضمر يدل عليه المصدر تقديره: يرجعه يوم تبلى السرائر. قال ابن عطية: وكل هذه الفرق فرت من أن يكون العامل لقادر، لأنه يظهر من ذلك تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحده. وإذا تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون المعنى لقادر، وذلك أنه قال: {إنه على رجعه لقادر} على الإطلاق أولاً وآخراً وفي كل وقت. ثم ذكر تعالى وخصص من الأوقات الوقت الأهم على الكفار، لأنه وقت الجزاء والوصول إلى العذاب ليجتمع الناس إلى حذره والخوف منه، انتهى.
تسع عشرة آية مكية
قالوا: الأعلى {رُوَيْداً * سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأّعْلَى * الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى} يصح أن يكون صفة لربك، وأن يكون صفة لاسم فيكون منصوباً، وهذا الوجه لا يصح أن يعرب {الذي خلق} صفة لربك، فيكون في موضع جر لأنه قد حالت بينه وبين الموصوف صفة لغيره. لو قلت: رأيت غلام هند العاقل الحسنة، لم يجز؛ بل لا بد أن تأتي بصفة هند، ثم تأتي بصفة الغلام فتقول: رأيت غلام هند الحسنة العاقل. فإن لم يجعل الذي صفة لربك، بل ترفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أو تنصبه على المدح، جاز أن يكون الأعلى صفة لاسم.