وانتصب سلاماً على إضمار الفعل أي: سلمنا عليك سلاماً، فسلاماً قطعه معمولاً للفعل المضمر المحكى بقالوا، قال ابن عطية: ويصح أن يكون سلاماً حكاية لمعنى ما قالوا، لا حكاية للفظهم، قاله: مجاهد، والسدي. ولذلك عمل فيه القول، كما تقول لرجل قال: لا إله إلا الله قلت: حقاً وإخلاصاً، ولو حكيت لفظهم لم يصح أن يعمل فيه القول انتهى. ويعني لم يصح أن يعمل في لفظهم القول، يعني في اللفظ، وإن كان ما لفظوا به في موضع المفعول للقول. وسلام خبر مبتدأ محذوف أي: أمري أو أمركم سلام، أو مبتدأ محذوف الخبر أي: عليكم سلام، والجملة محمية وإن كان حذف منها أحد جزءيها كما قال:
إذا ذقت فاهاً قلت طعم مدامة
أي طعمه طعم مدامة.
ونصب سلاماً يدل على التجدد، ورفع سلام يدل على الثبوت والاستقرار، والأقرب في إعراب فما لبث أن تكون ما نافية، ولبث معناه تأخر وأبطأ، وأن جاء فاعل بلبث التقدير فما تأخر مجيئه قاله: الفراء. وجوزوا أن يكون في لبث ضمير إبراهيم فهو فاعل، وأن جاء على إسقاط الحرف فقدر بأن وبعن، وبفي، وجعل بعضهم أن بمعنى حتى حكاه ابن العربي. وأن تكون ما مصدرية، وذلك المصدر في موضع رفع بالابتداء، وأن تكون بمعنى الذي أي: فلبثه، أو الذي لبثه، أو الذي لبثه، والخبر أن جاء على حذف أي: قدر مجيئه.
امرأته قائمة جملة من ابتداء وخبر قال الحوفي وأبو البقاء: في موضع الحال، قال أبو البقاء: من ضمير الفاعل في أرسلنا، يعني المفعول الذي لم يسم فاعله، والزمخشري يسميه فاعلاً لقيامه مقام الفاعل. وقال الحوفي: والتقدير أرسلنا إلى قوم لوط في حال قيام امرأته.
والظاهر أن وراء هنا ظرف استعمل اسماً غير ظرف بدخول من عليه كأنه قيل: ومن بعد إسحاق، أو من خلف إسحاق، وبمعنى بعد.