وانتصب آية على الحال، والخلاف في الناصب في نحو هذا زيد منطلقاً، أهو حرف التنبيه؟ أو اسم الإشارة؟ أو فعل محذوف؟ جاز في نصب آية ولكم في موضع الحال، لأنه لو تأخر لكان نعتاً لآية، فلما تقدم على النكرة كان حالاً، والعامل فيها محذوف.
وقال الزمخشري: (فإن قلت) : فبم يتعلق لكم؟ (قلت) : بآية حالاً منها متقدمة، لأنها لو تأخرت لكان صفة لها، فلما تقدمت انتصب على الحال انتهى. وهذا متناقض، لأنه من حيث تعلق لكم بآية كان لكم معمولاً لآية، وإذا كان معمولاً لها امتنع أن يكون حالاً منها، لأنّ الحال تتعلق بمحذوف، فتناقض هذا الكلام، لأنه من حيث كونه معمولاً لها كانت هي العاملة، ومن حيث كونه حالاً منها كان العامل غيرها، وتقدم الكلام على الجمل التي بعد آية. وقرأت فرقة: تأكل بالرفع على الاستئناف، أو على الحال.
الوعد بالعذاب غير مكذوب، أي صدق حق. والأصل غيره مكذوب فيه، فاتسع فحذف الحرف وأجرى الضمير مجرى المفعول به، أو جعل غير مكذوب لأنه وفى به فقد صدق، أو على أنّ المكذوب هنا مصدر عند من يثبت أنّ المصدر يجيء على زنة مفعول.
والكلام في جاء أمرنا كالكلام السابق في قصة قوم هود. قيل: الواو زائدة في ومن أي من خزي يومئذ فيتعلق من بنجينا، وهذا لا يجوز عند البصريين، لأن الواو لا تزاد عندهم بل تتعلق من بمحذوف أي: ونجيناهم من خزي، أي وكانت التنجية من خزي يومئذ. وقرأ طلحة وأبان بن تغلب: ومن خزي بالتنوين، ونصب يومئذ على الظرف معمولاً لخزي. وقرأ الجمهور بالإضافة، وفتح الميم نافع والكسائي، وهي فتحة بناء لإضافته إلى إذ، وهو غير متمكن. وقرأ باقي السبعة بكسر الميم وهي حركة إعراب، والتنوين في إذ تنوين عوض من الجملة المحذوفة المتقدمة الذكر أي: ومن فضيحة يوم إذ جاء الأمر وحل بهم.