وهذا لا نعلم فيه خلافاً بخلاف الجمل المتباينة بالخبر والاستفهام والإنشاء فإن في جواز العطف فيها خلافاً وقد جوزوا في أن {أن} تكون مصدرية لا تفسيرية في موضع رفع وفي موضع نصب. فأما الرفع فعلى إضمار مبتدأ دل عليه المعنى أو التقدير المتلو {أن لا تشركوا} . وأما النصب فمن وجوه. أحدها: أن يكون منصوباً بقوله: {عليكم} ويكون من باب الإعراء وتم الكلام عند قوله: {أتل ما حرم ربكم} أي التزموا انتفاء الإشراك وهذا بعيد لتفكيك الكلام عن ظاهره. الثاني: أن يكون مفعولاً من أجله أي {أتل ما حرم ربكم عليكم} {أن لا تشركوا} وهذا بعيد لأن ما جاء بعده أمر معطوف بالواو ومناه هي معطوفة بالواو فلا يناسب أن يكون تبييناً لما حرم، أما الأوامر فمن حيث المعنى وأما المناهي فمن حيث العطف. الثالث: أن يكون مفعولاً بفعل محذوف تقديره أوصيكم أن لا تشركوا لأن قوله: {وبالوالدين إحساناً} محمول على أوصيكم {بالوالدين إحساناً} وهذا بعيد لأن الإضمار على خلاف الأصل. وهذه الأوجه الثلاثة لا فيها باقية على أصل وضعها من النفي وهو مراد. الرابع: أن يكون في موضع نصب على البدل من {ما حرم} أو من الضمير المحذوف من {ما حرم} إذ تقديره ما حرمه وهذان الوجهان لا فيهما زائدة كهي في قوله: {ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك} وهذا ضعيف لانحصار عموم المحرم في الإشراك إذ ما بعده من الأمر ليس داخلاً من المحرم ولا بعد الأمر مما فيه لا يمكن ادّعاء زيادة لا فيه لظهور أن لا فيها للنهي.