ويحكى عن جعفر البرمكى أنه قال: «إذا كان الإيجاز كافيا كان التطويل عيّا» «1» .
«وإذا كان التطويل واجبا كان التقصير عجزا» .
وقال ابن الأعرابى: قال لى المفضّل:
قلت لأعرابى: ما البلاغة؟ فقال:
الإيجاز من غير عجز، والإطناب من غير خطل «2» ! ونحن نعيش فى عصر مازلنا نسمع أنه «عصر السرعة» يقصر فيه الوقت مهما يكن طويلا عما نحتاج إلى أن ننهض به من الأعباء التى لم تكثر، ولم تثقل على الناس فى عصر من العصور كما تكثر، وتثقل، وتتنوع، وتزدحم فى هذه الأيام التى صارت فيها الواجبات أكثر من الأوقات! وهذا كله يحملنا على أن نؤثر «الإيجاز» على «الإطناب» ، ونقصد إلى ما يلائم وقتنا القصير، وعملنا الكثير فى هذه اللحظات التى يتاح لنا ولأبنائنا فيها شىء من الفراغ للاستمتاع بلذات الأدب الخالص، والفن الرفيع، مما «قل ودلّ ولم يملّ!» .
ألا وإن على رأس تلك النماذج المفضلة ما تضمنه كتاب أبى منصور الثعالبى: «الإعجاز والإيجاز» من روائع النثر والنظم! فلقد جمع فى أبوابه العشرة ما وقع عليه اختياره من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التى سلط الضوء فيها على جوامع الكلم، ثم انتقل إلى روائع ملوك الإسلام، ونفائس الكتّاب والبلغاء، وطرائف الفلاسفة والحكماء، وملح ونوادر الظّرفاء، حتى الثلث الأول من القرن الخامس الهجرى.
وجاء الباب العاشر مسك الختام يضم قلائد الشعراء، ودررهم.
مما لا غنى عنه لدارسى الأدب، ومحبى الشعر، والباحثين عن