هؤلاء الذين اتخذوا أولياء من دون الله -عز وجل- بمن يتخذ بالعنكبوت الذي يتخذ بيتًا، فهم عناكب ضئيلة واهنة تأوي مَن حمى هؤلاء الآلهة أو الأولياء إلى بيت كبيت العنكبوت أوهن وأضأل، {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}، ولكنهم لا يعلمون حتى هذه البديهية المنظورة، فهم يضيفون إلى الضعف والوهن جهلًا وغفلة، حتى لا يعجزون عن إدراك البديهي المنظور.
يعني: يريد الشيخ بأن تتأمل هذه الصورة لهؤلاء الذين يعبدون من دون الله -عز وجل- أولياء أو أناسًا أو أصنامًا أو غير ذلك، فهذه الصورة التي رسمها الله -سبحانه وتعالى- لهم بهذه الآية الكريمة.
وصورة أخرى لمعنى مجرد، وهذا المعنى هو أن المشرك لا منبت له ولا جذور، ولا بقاء له ولا استقرار، فهذا المعنى كيف يُصوّر؟ انظر إلى قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيق} (الحج: 31) هكذا في ومضة يخرّ من السماء من حيث لا يدري أحد، فلا يستقر على الأرض لحظة، إن الطير لتخطفه وإن الريح لتهوي به، وتهوي به في مكان سحيق حيث لا يدري أحد كذلك، وذلك هو المقصود.
انظر -رحمك الله- إلى هذا التصوير لهذا المعنى، وهو معنى عدم استقرار المشرك، وأنه لا بقاء له، وكيف صوّره القرآن الكريم.
هناك معاني أخرى تصور الحالة النفسية والمعنوية، هذا الذي لا يؤمن أو هذا الذي لا ينتفع بالعلم الذي أنزله الله -سبحانه وتعالى- يهيئ الله له المعرفة فيفرّ منها كأنها لم تهيئ له، ويعيش بعد ذلك مترددًا بين أهواء نفسه، فلا هو استراح بالغفلة ولا استراح بالعلم والمعرفة، نريد أن نصوّر أو أن نعبّر عن هذا المعنى، فماذا يُقال؟ انظر إلى قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ منْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ