أول هذه الضوابط: أن توقن بأن علم الله هو العلم الشامل المحيط الذي لا يعتريه خطأ ولا يشوبه نقص، وأن علم الإنسان محدود يقبل الازدياد ومعرّض للخطأ، ومن ثم فإنه لا يوجد تعارض بين نصوص الوحي القاطعة التي تصف الكون وأسراره على كثرتها، وبين الحقائق العلمية المكتشفة على وفرتها، هذا ما أسهب فيه شيخ الإسلام في كتابه (درء تعارض العقل والنقل).
الضابط الثاني: هو أنك تقر أن الحقيقة العلمية التي يعرف رجال العلم معناها وحدودها لا تبطل مع الزمن، ولكنها قد تزداد مع جهود العلماء المتتابعة تفصيلًا أو وضوحًا وجلاءً؛ أي تظهر باجتهاد العلماء وببحثهم فيها، ويكفينا أن القرآن يكون قد أشار إلى هذه الحقيقة العلمية في ذاتها.
الضابط الثالث: أن الذي يتعرض للحديث عن الإعجاز العلمي لا بد أن يتقيّد بما تدل عليه اللغة العربية، فلا بد أن يُراعي معاني المفردات، وفقه استعمالها وأن يراعي القواعد النحوية ودلالاتها، وأن يراعي القواعد البلاغية والبيانية ودلالاتها، لا بد لمن يتعرض للحديث عن الإعجاز العلمي أن يكون ملمًّا بلغة العرب، وأن يكون عارفًا بطريقة العرب في أساليبهم وكلامهم.
الضابط الرابع: هو أن يبتعد عن التأويل، التأويل الذي يحمل التعسف والذي يحمل -كما يُقال- لوي النص، يُقال أنه يرغم النص على معنى يريده أو على حقيقة ثبتت عنده، أو يريد أن يحمل كلام الله عليها عنوة كما يُقال.
الضابط الخامس: ألا تُجعل حقائق القرآن موضع نظر، يعني أن لا يجعل الباحث في الإعجاز العلمي أنه يريد أن يبحث في الحقيقة القرآنية، وينظر من خلالها: هل هي أثبتت ذلك أم لم تثبته.