فإذا ما نظرنا إلى إعجازه اللغوي جاز لنا أن نكرر ما قاله الرافعي -رحمه الله-: أن العرب قامت فيهم دولة الكلام، ولكنها بقيت بلا مَلك حتى جاءهم القرآن، فملك القرآن سر الفصاحة، وجاءهم منها بما لا قبل لهم برده ولا حيلة لهم معه، فكانوا يفرون منه في كل وجه ثم لا ينتهون إلا إليه؛ إذ يرونه أخذ عليهم بفصاحته وإحكام أساليبه جهات النفس العربية.
هذا مجمل قضية الإعجاز اللغوي؛ أنت العرب أقروا أن هذا الكلام لا طاقة لهم به ولا يستطيعون أن يضاهوه أو أن يحاكوه.
هذه المسألة نناقشها بكلام علمي، سمة البحث العلمي هو تناول المسألة بهذا الجانب؛ بمعنى أننا نعرض كلامًا في هذه المسألة، هذا الذي يشكك في أن القرآن معجز في لغته، وفي أن القرآن تكوّن من كلام العرب وأساليب العرب، وهو كما يقولون يقال؛ أي أن القرآن لم يخرج عن سنن العرب في كلامهم؛ يعني الشيخ أثار المسألة بهذا الوجه، يقول يأتي قائل ويقول إني أقرأ القرآن فلا أجده يخرج عن معهود العرب في لغتهم العربية؛ فمن حروفهم ركبت كلماته، ومن كلماتهم ألفقت جمله وآياته، وعلى مناهجهم في التأليف جاء تأليفه، فأي جديد في مفردات القرآن لم يعرفه العرب من موادها وأبنيتها؟ وأي جديد في تركيب القرآن لم تعرفه العرب من طرائقها ولم تأخذ به في مذاهبها؟ حتى نقول إنه قد جاءهم بما فوق طاقتهم اللغوية!!
هذه هي الشبهة التي يثيرها من لا إيمان له، يأتي ويقول هذا الكلام، أي جديد في لغة القرآن ليس في كلام العرب كي نقول أن القرآن معجزة لغوية؟
يجيب الشيخ ويقول: أما أن القرآن الكريم لم يخرج في لغته عن سنن العرب في كلامهم إفرادًا وتركيبًا؛ فذلك في جملته حق لا ريب فيه، وبذلك كان أدخل في